يوم إعلان عدن التاريخي، مرحلة مفصلية في تاريخ نضال شعب الجنوب

السياسة - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

 إعلان عدن التاريخي، الحدث الهام الذي برز كمحطة مفصلية في مسار النضال الجنوبي، ليس فقط من حيث رمزيته السياسية، بل أيضاً من حيث ما كشف عنه من معان عميقة تتعلق بإرادة شعب جنوبي لا يمكن تجاوزه. الإعلان الذي جاء في 4 مايو 2017، مثل لحظة تجسدت فيها الإرادة الجمعية للشعب الجنوبي بوضوح تام، وأفرزت قيادة وطنية مخلصة حظيت بتفويض شعبي علني ومفتوح في ساحة العروض، وكرّست التحول من التشتت إلى المبادرة وتوحيد الكلمة تحت مظلة المجلس الإنتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس بن قاسم بن عبدالعزيز الزُبيدي.

حيث كان المشهد في ساحة العروض في العاصمة عدن كافياً ليبعث رسالة قوية للعالم بأن ما يجري في الجنوب ليس تعبيراً عن طموحات او رغبات مؤقته إطلاقاً، بل هو امتداد لتراكم نضالي مستمر وممتد منذ حرب 1994، تجلى اليوم بإرادة جمعية منظمة وواضحة. الجموع الغفيرة التي خرجت من كل محافظات الجنوب، هي استفتاء شعبي صريح على حق تقرير المصير، وعلى شرعية قيادة جنوبية تتبنى مشروع وطني شعبي. وقد ساهم الانضباط والوضوح، والرسائل السياسية الدقيقة التي حملها البيان الصادر والمستند الى طموح الشعب الجنوبي ونضاله وتمسكه بالثوابت الوطنية، في نزع أية التباس او تأويل يمكن أن يستخدم لتشويه الحدث التاريخي.

ما كشفه إعلان عدن التاريخي، داخلياً وخارجياً، أن شعب الجنوب يعيد التأكيد على أنه يمتلك هوية سياسية وشعبية مستقلة، وقضية قائمة على أرضية اجتماعية متماسكة من المهرة الى باب المندب، تختلف كلياً عن حالات الانقسام أو الفوضى التي تشهدها مناطق الشمال كما أنه أظهر حقيقة واضحه وواقعية وهي أن غياب الجنوب عن طاولة الحل السياسي سيجعل أي عملية سلام عاجزة عن إنتاج استقرار حقيقي ومستدام.

ربما الموقف الدولي من إعلان عدن التاريخي تراوح بين الحذر والاعتراف الضمني، لكن كان هناك إدراك متزايد ولو غير معلن في البداية أن الجنوب بات قوة سياسية وشعبية لا يمكن تجاهلها. وهذا ما تم ترجمته لاحقاً بتعاطي رسمي مع المجلس الانتقالي كطرف في اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومؤخراً عبر تمثيل رسمي وشبه دبلوماسي في الخارج، بما في ذلك فتح بعثات واتصالات رسمية آخرها تدشين بعثة رسمية في الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد أثبت الإعلان التاريخي للعالم ان ابناء الجنوب لديهم مشروع سياسي متكامل نابع من ارادة شعب حر، ورؤية واضحة للانتقال من النضال إلى الدولة، عبر مراحل تبدأ بالتفويض الشعبي، مروراً بالتمكين الإداري والسياسي والعسكري، وصولاً إلى الحل السياسي العادل الذي يضع حق الجنوب في تقرير مصيره كأحد أركان أي تسوية مستقبلية.

وبينما يحل علينا غداً تاريخ هذا الحدث الجنوبي التاريخي، تزداد الحاجة لتذكير المجتمع الدولي أن الحلول القسرية لن تنجح، وأن دعم المسار الجنوبي العادل والمشروع هو إنقاذ لإستقرار المنطقة وأمنها. إعلان عدن التاريخي لم يكن نهاية الطريق، بل كان نقطة بداية جديدة، شرّعت باب السياسة أمام الجنوب بإرادة شعبية وعزيمة لا تلين نحو استعادة دولة الجنوب على حدودها المتعارف عليها دولياً وتاريخياً كاملة السيادة.

فيديو