الإخوان والحوثيين سردية النفوذ والتعاون الغير معلن

السياسة - منذ 1 شهر

وقفة أمام تحديات الماضي والحاضر

عين الجنوب | تقرير - خاص


 منذ عام 2015 وسلسلة من الأحداث السياسية والعسكرية التي أثرت بشكل كبير على البلاد تتوالى، تنوعت هذه الأحداث بين محاولات للهيمنة، وتدخلات من جماعات متطرفة مسلحة، وترويج لسرديات إعلامية بهدف تحقيق مكاسب سياسية منها

ترويج مليشيات الحوثي لسردية (الدواعش) في 2015 وتأثير ذلك على الأوضاع في عدن
ترويج مليشيات الإخوان لقضية (السيادة) في 2019 وتسليم محافظتي البيضاء والجوف للحوثيين، وتحويل مسار الحرب نحو الجنوب.
ادعاءات إعلام الإخوان حول وقود مأرب لكهرباء عدن وتحويل 300 مليون ريال لتمويل أعمال تخريبية في عدن.


في عام 2015، ومع غزو الحوثيين للجنوب، بدأت الجماعة بترويج سردية قتال الدواعش،. هذا الترويج كان يهدف إلى تشويه صورة المقاومة وكسب تعاطف محلي ودولي. لكن بعد طرد الحوثيين من مدينة عدن في يوليو 2015، شهدت المدينة حالة من الفوضى الأمنية. ظهرت جماعات مسلحة متعددة، بعضها مرتبط فعلياً بتنظيم داعش، وقامت بتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات استهدفت مسؤولين وشخصيات جنوبية بارزة.


وفي عام 2019 بعد تأمين القوات الجنوبية العاصمة بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية، ركزت مليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح (المعروف بجماعة الإخوان المسلمين في اليمن) على قضية (السيادة). ومع ذلك، شهدت تلك الفترة انسحاب قوات تابعة للإصلاح من محافظتي البيضاء والجوف، مما سمح للحوثيين بالسيطرة عليهما دون مقاومة تذكر. تكرر انسحاب قوات الإصلاح من مناطق استراتيجية مثل البيضاء والجوف لصالح الحوثيين، بينما يواصلون القتال في الجنوب، وهو ما عزز الحديث حول مدى تورطهم في إعادة توزيع النفوذ بينهم والحوثيين. يلاحظ أن الإصلاح، رغم رفعه شعار مقاومة الحوثي، لم يقدم مقاومة جدية في مناطق مثل البيضاء والجوف، لكنه استمات في القتال ضد المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وشبوة وأبين.

هذا الانسحاب أثار الشكوك، حيث تأكد أن هناك تنسيق غير معلن بين الإخوان والحوثيين، بهدف إعادة توزيع مناطق النفوذ. في الوقت نفسه، حولت قوات الإصلاح تركيزها نحو الجنوب، خاصة عدن، مما أدى إلى اشتباكات مع القوات الجنوبية المحلية. هذا التحول في مسار الحرب أثار أسئلة جوهرية حول الأهداف الحقيقية للإصلاح وعلاقته بالحوثيين.

ففي سياق الحرب الإعلامية الآخيرة في ظل الأزمة المفتعلة، روجت وسائل إعلام مرتبطة بالإخوان معلومات تفيد بأن محافظة مأرب، تزود كهرباء عدن بالوقود مجاناً. ومع ذلك، كشفت تقارير لاحقة أن مأرب كانت تتلقى مقابلاً مالياً من الحكومة مقابل هذا الوقود، مما يكشف عن إستراتيجية مرسومة لتنفيذ مثل هذه الوقفات المزيفة لخدمة أجندات سياسية.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت صحيفة الايام أن السلطات في مأرب، التي يسيطر عليها الإخوان، حولت مبلغ 300 مليون ريال لتمويل أعمال تخريبية في عدن، بهدف زعزعة استقرار العاصمة وإضعاف القوات الجنوبية. هذه المعلومات أثارت غضب جنوبي خاصة بعد محاولات فعلية لإثارة الفوضى في الجنوب مما زاد حدة التوتر بين الشمال والجنوب. حيث وأن الحديث عن تحويل 300 مليون ريال من مأرب لتمويل أعمال تخريبية في عدن يشير إلى استراتيجية مباشرة لإضعاف الجنوب وإبقائه في حالة عدم استقرار، ما يخدم أجندة قوى تسعى لفرض سيطرتها على القرار السياسي والعسكري. هذا التمويل لا يمكن تفسيره الا بأنه محاولة لعرقلة أي مسار يؤدي إلى تثبيت سلطة جنوبية قوية مناهضة للحوثي أثبتت نفسها، خاصة مع تزايد الحديث عن مستقبل الجنوب ومشروعه الفيدرالي.

الحوثيون بدورهم استفادوا من هذه التلاعبات الإخوانية ووسعوا نفوذهم في الشمال، بينما انشغل الإخوان بمعارك جانبية في الجنوب. المجلس الانتقالي الجنوبي التزم موقف المدافع أمام تحالفات خفية بين الإخوان والحوثيين، ما يعقد المشهد السياسي ويؤخر أي حسم عسكري ضد الحوثيين، لكن استمرار هذا النهج يعني أن الصراع لن ينتهي، بل سيشهد محاولات جديدة من الاضطرابات لا تخدم الا الحوثيين وبواجهه إخوانية.

هذه الأحداث تكشف بشكل صريح عن تداخل المصالح والتلاعب بالسرديات الإعلامية لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية في الجنوب. حيث استخدمت الجماعتين وسائل الإعلام لتشويه صورة القوات الجنوبية وتبرير تحركاتها، مما أدى إلى تعقيد الجهود الخاصة بدحر الحوثي في الشمال.

فيديو