الامارات العربية المتحدة الشقيقة والولايات المتحدة، قراءة في زيارة الرئيس الأمريكي

تقارير - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي هي لحظة لافتة تُعيد رسم ملامح العلاقة بين دولتين اختارتا معاً أن تصيغ مستقبل المنطقة وفق رؤية واقعية، حازمة، ومتشابكة المصالح.

الملاحظ ان لحظة استقبال الرئيس الأمريكي الرسمية تعكس فهماً إماراتياً عميقاً لأهمية الزيارة، حيث بدا واضحاً ان الزيارة هي تأكيد مدروس على مكانة الإمارات المتقدمة وكشريك استراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. كل حركة في الاستقبال، كل إشارة ضمنية في التفاصيل، وكل مظهر من مظاهر الهيبة الهادئة والزخم الاستقبالي، مثلتها الاهازيج الشعبية وتقديم الورود والمرافقه والموكب، حمل رسالة مضاعفة، لزيارة ضيف رفيع، وتعبيراً عن اجتماع رؤيتين في توقيت مفصلي.

في عمق الأجندة، تبدو الملفات الأمنية والاقتصادية حجر الزاوية، خصوصاً دور الامارات العربية المتحدة الشقيقة مع حلفائها الإقليمين في تعزيز الاستقرار والأمن بشكل فاعل، في ظل التحديات الإقليمية واتساع نطاق التهديدات العابرة للحدود، مثلتها هجمات ميليشيات الحوثيين الارهابية على الجنوب وأمن البحر الأحمر إلى الممرات التجارية، ومن التهديدات الإيرانية إلى قضايا أمن الطاقة العالمي. الإمارات، صاحبة الدور الفاعل في تأمين الاستقرار البحري وفي الحرب على الإرهاب، تدخل اللقاء بحثاً عن علاقات تتأسس على الفعل والتحالفات والشراكات الاستراتيجية.

اقتصادياً تتجه الأنظار إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة، لاسيما في التكنولوجيا والدفاع والطاقة المتجددة، وهي مجالات تتقاطع فيها رؤى إماراتية في التنوع الاقتصادي، مع حاجات أميركية لإعادة موضع نفوذها في سوق عالمي واعد. كما تحمل الزيارة في طياتها مؤشرات على اتفاقيات متقدمة تخص الذكاء الاصطناعي، أمن المعلومات، وربما صفقات دفاعية مثل تلك التي تمت مع الشقيقة الكبرى.

لكن الأهم من كل ذلك، أن هذه الزيارة توصل رسالة واضحة للعالم؛ أن الإمارات بالفعل اضحت مركز توازن إقليمي يعرف كيف يتعامل مع الجميع بثقة، وكيف يدير العلاقات المتشابكة دون أن يفقد تأثيره الاستراتيجي أو هويته الثقافية.

ومن جانب واشنطن، فإن زيارة الرئيس ترامب تؤكد أن الولايات المتحدة تنظر إلى أبوظبي كحليف أمني، وشريك سياسي قادر على لعب دور أكبر في ملفات دولية، مثلتها تحالفات الامارات الشقيقة القوية في المنطقة، ومبادرات التنمية في إفريقيا، بجانب دورها المتنامي في استقرار أسواق الطاقة العالمية.

بهذه الزيارة، يتجاوز الطرفان لغة الدبلوماسية الشكلية إلى بناء معادلة جديدة؛ الإمارات الشقيقة كقوة ناعمة وصلبة ذات رؤية ثاقبة واستراتيجية، والولايات المتحدة كحليف يريد أن يعيد تموضعه عبر حلفاء تاريخين وموثوقين يمتلكون الرؤية والإرادة والتصميم. وما بين الذكاء السياسي الإماراتي والنزعة الأميركية نحو العلاقات مع الاطراف الفاعلة، يُعاد تشكيل مشهد إقليمي ودولي سيكون لهذه اللحظة فيه ما بعدها.

فيديو