التجويع وحرب الخدمات؛ الجنوب بين فكي المعاناة والمؤامرة

تقارير - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص 

محافظات الجنوب، وفي مقدمتها العاصمة عدن وحضرموت، تواجه حرباً من نوع خبيث، عبر أدوات أكثر خفاءاً وتأثيراً، الخدمات، والمرتبات، وانهيار العملة. إنها حرب استنزاف تستهدف الوعي الجمعي قبل أن تطال الجسد، وتسعى إلى إعادة تشكيل أولويات المواطن الجنوبي، بحيث يغدو لقمة العيش هدف أولوي يتجاوز القيم الكبرى كالوطن، والكرامة، والسيادة.

إن تجريد الإنسان من حقوقه الأساسية في العيش الكريم، وحصاره في أزمات معيشية مفتعلة، هو نهج ممنهج تمارسه نخب وقوى اليمنية بشقيها الإخوانية في الحكومة والمليشيات الحوثية مثلتها هجماتها الارهابية في محاولة لضرب المشروع الجنوبي الوطني خدمة لاطماعها واجنداتها الإحتلالية. لذلك، تُستخدم أدوات الدولة في تعميق التدهور المعيشي كوسيلة لإخضاع الشعب الجنوبي، وتطويعه نفسياً وسياسياً لقبول واقع مختل لا يمت لطموحاته وتضحياته بصلة.

عدن، العاصمة الأبدية للجنوب وشعبه، تتصدر واجهة المعاناة. الخدمات فيها تنهار تباعاً، والكهرباء غائبة لساعات طويلة في ظل صيف حار. العملة المحلية تتهاوى أمام العملات الأجنبية، والرواتب إما متأخرة أو بلا قيمة حقيقية، والأسواق تدار بفوضى مقصودة عبر دفع منظم لنازحين لاثارة الاضطرابات وترويج الحنق والسخط عبر تحريف للأسباب خاصة أن غياب الارادة الحكومية في تقديم الحلول، ثثبت ان هذه السياسة تسعى لإبقاء الجنوب رهينة لهذا الوضع المفتعل.

في حضرموت أيضاً، تُعلن الأزمة وجهها أيضاً اللواء فرج البحسني، يصف الوضع بـ الشلل شبه الكامل الذي يهدد مختلف جوانب الحياة. مطالباً بـ تدخل حاسم وشجاع، محذراً من أن هذا الفراغ يُعد تربة خصبة لقوى وجماعات متطرفة إرهابية لطالما استغلت حالة الغضب والخذلان التي تعيشها المحافظة.

ما يجري في العاصمة عدن بشكل خاص ومحافظات الجنوب بشكل عام ليس طبيعياً، بل جزء من نمط متكرر. النهج التي تسعى قوى اليمننة واحزابها على فرضه على شعب الجنوب هو نهج تآمري مخطط يستهدف الانسان والأرض الجنوبية، من اجل المساومة على كل شيء مقابل الحياة، هذه الحرب تاثيرها على الوعي لا تقل خطراً عن التهديدات الارهابية والميليشاوية بل تعززها. فحين يُنهك المواطن في معيشته، ويُستنزف في صموده، يصبح التدخل ضرورة وطنية. حيث يتضح بشكل لا لبس فيه ان سياسة التجويع وحرب الخدمات تتقاطع مع حرب اعلامية ممنهجة تسعى إلى قلب للأدوار وتحريف للحقيقة.

ومع ذلك، ما زالت إرادة الصمود حاضرة. الاصوات الجنوبية التي تنادي بإنقاذ حضرموت، وإنهاء العبث في العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب وإعادة الاعتبار للكرامة الجنوبية، هي أصوات لا تزال تؤمن أن الوطن ليس سلعة قابلة للمقايضة، وأن الكرامة لا تُشترى بمساعدات إغاثية ولا مؤتمرات للمانحين.

إن الجنوب وشعبه لا يواجه فقط أزمة معيشية، بل يواجه مؤامرة مركبة تستهدف وجوده وهويته ومسيرته نحو التحرر والاستقلال. وما لم يتم كسر هذه الحلقة عبر ردع حاسم ووقفة جادة ووطنية للنهوض بالإقتصاد الجنوبي والاعتراف بأن الخدمات والمرتبات ليست منة بل حق أصيل، فلا معنى للكلمات.

فيديو