التنسيق الإعلامي بين الجنوب والمقاومة الوطنية وتحديات الاتصالات وقيود الاعلام في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثيين

تقارير - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

شهدت العاصمة عدن تطور لافت في مسار العمل الاعلامي المشترك، تمثل في اللقاء التنسيقي الأول بين الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي وإعلام المقاومة الوطنية اليمنية، في خطوة تعكس وعي متقدماً بضرورة توحيد الجهود الإعلامية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، خاصة في الشمال، اللقاء جاء كامتداد مباشر للمباحثات التي أجراها الرئيس عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مع وفد المقاومة الوطنية برئاسة عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية.

اللقاء يمثل تطور في طبيعة العلاقة بين الجنوب والمقاومة اليمنية لتوحيد الجهود ضد المليشيات الحوثية، ويشير إلى وجود توافق مشترك، والانطلاق من متطلبات الحاضر، والتعامل مع تحدياته بعقلانية وحس مسؤول. لقد كان الجنوب، بكل تضحياته ومعاناته، الساحة الأولى للمواجهة مع المليشيا الحوثية والجماعات المتطرفة، وها هو اليوم يثبت مجدداً نواياه الطبية كما هي عادته أنه لا يزال ركيزة أساسية في أي مقاومة وطنية لتحرير الشمال من سطوة الإرهاب الطائفي الحوثي.

الثقة التي بُنيت في عدن بين الهيئات الإعلامية الجنوبية ونظيراتها في المقاومة الوطنية هي خطوة باتجاه إعادة رسم ملامح الخطاب الموحد، وترتيب أولويات المعركة السياسية والميدانية. الجنوب، الذي اكتوى في السابق بنيران اليمن وابتزاز التحالفات بين القوى اليمنية، يدرك اليوم أن تجاوز تلك التجارب المريرة لا يكون إلا من خلال وعي سياسي ناضج، ومشروع تحرري واضح الأهداف، يستوعب تعقيدات المرحلة ويؤسس لشراكات تقوم على الندية والاحترام المتبادل والمسؤولية خاصة في واقع يستدعي موقفاً أخوياً تجاه ما يحصل للاشقاء اليمنيين.

كما يأمل الجنوبيين من بروز جيل إعلامي وسياسي شاب من الشمال يبدو أكثر وعياً وإدراكاً لأهمية تجاوز الخطابات التقليدية والمكايدات السياسية. هذه الفئة المرتقبة يجب أن تدرك أن المعركة الإعلامية لا تقل أهمية عن المواجهات العسكرية، وأن الوعي الجمعي بحاجة إلى خطاب عقلاني متماسك قادر على تحصين المجتمعات من الدعاية الحوثية التي تسعى لفرض ارهابها الفكري على المجتمعات مستغلة كل مجال لتمويل حملاتها وبسط نفوذها. ابرزها قطاع الاتصالات، حيث تسيطر مليشيا الحوثي بشكل شبه مطلق على قطاع الاتصالات، وتستخدمه كسلاح رقمي في حربها ضد اليمنيين. ما كان يُفترض أن يكون شريان تواصل وسلام، تحول إلى أداة تجسس وانتهاك خصوصيات، وفرض رقابة صارمة على وسائل التعبير والتواصل في مناطق سيطرتها. قطاع الاتصالات، الذي يُدر قرابة مليوني دولار يومياً، يمثل أحد أعمدة تمويل المليشيا الحوثية، التي نهبت خلال العقد الأخير أكثر من 7 مليارات دولار من عائداته، دون أن تلتزم بابسط مسؤوليتها تجاه الشعب.

خطر بقاء هذا القطاع الحيوي تحت سيطرة ميليشيات الحوثيين يتجاوز البعد الاقتصادي؛ فهو يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي، من خلال المراقبة الرقمية، وحملات الاختراق، وقطع الخدمة عن المعارضين، واحتكار المعلومة لصالح سردية واحدة تعزز أيديولوجية المليشيا الطائفية وتضع قيوداً على الاعلام اليمني الوطني.

بناءاً على ما سبق، فإن اللقاء التنسيقي بين هيئة الإعلام الجنوبي وإعلام المقاومة الوطنية، يمثل موقفاً نحو تعزيز الجهود، يهدف إلى توحيد الرسائل والخطابات في مواجهة العدو المشترك، ويضع أسساً صلبة نحو تحرير الشمال.

الجنوب اليوم، بمنظومته الإعلامية، هو قاعدة دعم للمقاومة اليمنية، هذه الشراكات الضرورية التي تُبنى الآن يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن معركة التحرير لا تنجح إلا بتكامل الجبهات العسكرية، مع الإعلامية، كما أن الجنوب من خلال موقفه هذا اظهر مرونة والتزاماً استثنائي كقاعدة انطلاق نحو دعم المقاومة الوطنية، من مبدا مصلحة الشعب اليمني، الذي يعايش واقعاً مأساوياً تحت سطوة ملالي ايران، هذا الموقف هو ادراك لمتطلبات المرحلة، وبعيداً عن أي تأويل، هذا الموقف محسوب للجنوب وتعبيراً صادقاً في التزاماته تجاه مصالحه ومصالح الشركاء المحليين والدوليين والحلفاء الاقليمين.

فيديو