الحرب الإعلامية على الجنوب: بين حرية التعبير والتضليل الممنهج

السياسة - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، أصبحت المعلومات تنتقل بسرعة فائقة عبر وسائل الإعلام التقليدية والحديثة. هذا التدفق السريع للمعلومات، رغم فوائده في نشر المعرفة والتوعية، إلا أنه يحمل في طياته تحديات جسيمة، أبرزها انتشار الأخبار الكاذبة والتضليل الإعلامي. هذه الظواهر لا تقتصر على تشويه الحقائق فحسب، بل تمتد لتشكل تهديد حقيقي للسلم المجتمعي.

التضليل الإعلامي، الذي يعرف بنشر معلومات مضللة مع العلم بزيفها وبنية الخداع أو لأغراض سياسية، يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الثقة بين أفراد المجتمع، وإثارة الفتن، وتعطيل عمليات اتخاذ القرار. فعلى سبيل المثال، يتم إستغلال أي شاردة وواردة في الجنوب بغرض الإساءة للمجلس الإنتقالي الجنوبي.

في هذا السياق، يُلاحظ أن المجلس الانتقالي الجنوبي قد منح مساحة أكبر لحرية الإعلام مقارنة ببعض الأطراف الأخرى مثل الحوثيين بل حتى مناطق سيطرة الإخوان في الشمال، فقد تم تأسيس قطاعات إعلامية متعددة، بما في ذلك الإذاعة والتلفزيون والصحافة والإعلام الحديث، بالإضافة إلى مراكز للتدريب والتأهيل الإعلامي بما فيها المستقلة والخاصة.

ومع ذلك، فإن استغلال هذه المساحة لنشر مواد ذات أغراض سياسية أو لنشر الشائعات لا يعد فقط سياسة مفضوحة ضد المجلس الذي يعد المكون الأقوى الذي يقف وبقوة لتحقيق تطلعات شعب الجنوب، بل يعد أيضاً  انتهاكاً للقانون ويستوجب المحاسبة. لذا من الضروري أن تقوم السلطات المختصة بتفعيل القوانين ذات الصلة لمحاسبة المتورطين في نشر الأخبار الكاذبة أو المضللة، وذلك للحفاظ على السلم المجتمعي وضمان مصداقية الإعلام، فالإعلام بدون قانون ينظم عمله يصبح وسيلة لضرب الإستقرار خدمة لأجندة سياسية ربما قد تكون مدفوعة من قبل أطراف معادية لشعب الجنوب.

تطبيق القانون بحزم في هذا المجال لا يهدف إلى تقييد حرية التعبير، بل يسعى إلى ضمان أن تمارس هذه الحرية بمسؤولية، وبما يخدم المصلحة العامة ويعزز الثقة بين وسائل الإعلام والجمهور.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تترافق الجهود القانونية مع حملات توعية تثقيفية للمجتمع في الجنوب حول كيفية التحقق من صحة المعلومات قبل تداولها، وتعزيز مهارات التفكير بعيد المدى لدى الأفراد. كما ينبغي تشجيع وسائل الإعلام على الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية في نقل الأخبار، والابتعاد عن الإثارة ونشر المعلومات غير الموثوقة.

إن التصدي لظاهرة التضليل الإعلامي والشائعات والتي لا نراها الا في الجنوب فقط وربما هناك أطراف شمالية تدعم ذلك يتطلب تكاتف الجهود بين السلطات القانونية، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني. فمن خلال تطبيق القانون بحزم، وتعزيز الوعي المجتمعي، والالتزام بالمعايير المهنية، يمكن بناء مجتمع أكثر وعياً ومناعة ضد محاولات التضليل الممنهج مما يسهم في تعزيز السلم المجتمعي الجنوبي والحفاظ على الإستقرار والآمن.

فيديو