الحوثيون: مشروع طائفي متطرف أم مشروع دولة؟

دراسات وتحليلات - منذ 18 يوم

عين الجنوب | تحليل - خاص

منذ البدايات، رسخ الحوثيون سلطة قائمة على الاصطفاء الآلهي، وفرض الأيديولوجيا المستوردة، ومركزة القرار في يد ميليشيا لا تعترف بمفهوم الدولة الوطنية. فقد أصبحت مؤسسات الدولة واجهة لسلطة طائفية، عسكرية مغلقة، بينما يعاني الناس في مناطق سيطرة الحوثيين من تدهور كارثي في المعيشة، وقمع منهجي، وتجنيد قسري للأطفال، وتمييز طائفي وهيمنة اقتصادية .

الحوثيون ينفذون حملة لإعادة تشكيل عقول السكان الخاضعين لسيطرتهم، في محاولة لإعادة الشعب إلى عصور الظلام الفكري، يتجاوز ظلامية الحقبة الامامية، مستهدفين الاطفال والشباب بدرجة رئيسية.

كما تشترك جماعة الحوثيين مع حزب الله اللبناني في العديد من الجوانب، بما في ذلك النشأة المدعومة من إيران، الأيديولوجيا الدينية، والهيكلية العسكرية. كلاهما يتلقى دعماً من إيران، ويعتمد على الأيديولوجيا المستوردة من ايران لتبرير سياساته. ومع ذلك، تختلف السياقات المحلية لكل منهما، مما يجعل المقارنة بينهما ممكنة في العموميات، لكن المقارنة بينهما غير ممكنة نسبياً في خصوصيات كل منهما.

أيضاً تتعارض أيديولوجية الحوثيين مع مبادئ الدولة المدنية الحديثة والقيم الدولية. فهم يسعون إلى فرض نظام طائفي ملالي مغلق، قائم على العنف والترهيب، ويفرض سلطة استبدادية تستند على الاستحقاق الآلهي. هذا التوجه يتناقض مع مفاهيم المجتمع الدولي، وسيادة القانون، مما يبرز استحالة تبنيهم لأي نظام مدني او دمجهم فيه.

على الرغم من أن الحوثيين ربما ينتمون في الأصل إلى المذهب الزيدي، إلا أنهم تبنوا ممارسات وطقوساً أقرب إلى المذهب الاثني عشري. وقد أشار تقرير إلى أن الحوثيين يمارسون طقوساً مذهبية غير مألوفة حتى في الأوساط الزيدية والحقبة الأمامية، مما يعكس تحولهم عن المذهب الزيدي، وبالتالي اطلاق مصطلح الزيود على الحوثيين، امر غير صحيح بل يعبر عن سوء فهم، فالحوثيون بإفتراض أنهم زيود، يمثلون العقيدة الجارودية التي تعتبر أكثر فرق الزيدية غلواً، بالرغم أن الواقع يحكي عن تحول من الزيدية الى طابع الاثنى عشرية منذ السبعينيات، ويأتي ذلك بعد تواصلهم مع ايران. 

في المقابل الموقف العربي والدولي اتى متبايناً، حيث صنفت الولايات المتحدة جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية، مشيرة إلى تهديداتهم للأمن الإقليمي والدولي. وفي تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصف الحوثيين بأنهم إرهابيون وفي سياق اخر تم وصفهم بالمتطرفون.

على المستوى الاقليمي يشكل الحوثيون تهديداً أمنياً ليس فقط إقليمياً، بل على المستوى الدولي. فقد نفذوا هجمات على السفن في البحر الأحمر، وأطلقوا صواريخ باتجاه دول الجوار.

تُظهر الأدلة الموثقة والممارسات العدوانية أن جماعة الحوثيين تمثل مشروعاً أيديولوجياً متطرفاً يخدم المرشد، ويسعى إلى فرض نظام طائفي مغلق، لا يتعارض فقط مع البنية الاجتماعية والثقافية لشعوب المنطقة، بل يتعارض بشكل رئيسي مع مبادئ الدولة المدنية والقيم الدولية. تشابههم مع حزب الله اللبناني في العديد من الجوانب، وتحولهم عن المذهب الزيدي إلى نهج أكثر تطرفاً، يجعلهم يشكلون تهديداً أمنياً وسياسياً في المنطقة. مما يثبت أن التصنيف الدولي لهم كجماعة إرهابية جراء ممارساتهم العدوانية إن لم يكن إيديلوجيتهم المستوردة تعد ضرورة لتحجيم قدرات الميليشيا وعزلهم، ناهيك عن رغبة الشعب في التحرر من القيود والأغلال التي فرضتها الميليشا عليهم، متجاوزة بذلك ما درج عليها النظام الامامي بمراحل عديدة.

فيديو