الرئيس الزبيدي حضور دولي وآمال شعب

السياسة - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

وصول الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى سويسرا للمشاركة في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يمثل خطوة نوعية في مسار تعزيز الحضور السياسي والدبلوماسي للقضية الجنوبية على الساحة الدولية. هذه المشاركة تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تتشابك القضايا الإقليمية والدولية، ويزداد الاهتمام العالمي بمناطق النزاع وأثرها على الأمن والاستقرار الدوليين. بالنسبة للجنوب، فإن حضور هذا الحدث العالمي يحمل أبعاداً متعددة، تعكس طموحات الشعب الجنوبي في إيصال صوته إلى المجتمع الدولي وبناء شراكات تسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة الذي يستحقها.

المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هو حدث اقتصادي هام، ومنصة تجمع قادة العالم من الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية لمناقشة القضايا الكبرى التي تواجه البشرية. من الاقتصاد إلى الأمن والاستدامة، يفتح المنتدى المجال لنقاشات عميقة تسهم في صياغة سياسات تعالج التحديات الراهنة. في هذا السياق، فإن وجود الرئيس الزُبيدي في هذه الفعالية يعكس رغبة القيادة الجنوبية في أن تكون جزءاً من هذه النقاشات، ليس فقط كطرف متأثر بالأزمات الإقليمية، ولكن أيضاً كفاعل قادر على تقديم حلول والمساهمة في الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

في الحقيقة، مشاركة الرئيس الزُبيدي في دافوس تعبر عن نقلة نوعية في استراتيجية المجلس الانتقالي الجنوبي لتوسيع نطاق تواصله مع المجتمع الدولي. شعب الجنوب، الذي عانى لعقود من التهميش والاستنزاف السياسي والاقتصادي، يسعى اليوم إلى تحقيق اعتراف دولي بعدالة قضيته وتطلعاته لاستعادة دولته. وجود القيادة الجنوبية في هذا المحفل العالمي يتيح فرصة استثنائية لطرح رؤيتها حول مستقبل المنطقة، خصوصاً في ظل التطورات المتسارعة على الساحة اليمنية والدور المتنامي للقوى الإقليمية والدولية فيها.

الرئيس الزُبيدي يُدرك تماماً أهمية هذا المنتدى كمنصة لتسليط الضوء على الوضع في الجنوب، الذي يمثل اليوم واحدة من أكثر القضايا الهامة في الشرق الأوسط. عبر سنوات من النضال، برهن شعب الجنوب بأنه ليس فقط ضحية للصراعات، بل شريك موثوق يمكن الاعتماد عليه لتحقيق الاستقرار في المنطقة. القرب الجغرافي من خطوط الملاحة الدولية، والموارد الطبيعية الغنية، والموقع الاستراتيجي يجعل الجنوب لاعباً لا غنى عنه في أي خطة شاملة للأمن والتنمية الإقليمية.

وفي هذا الإطار، فإن حضور الزُبيدي في المنتدى يمثل رسالة هامة للمجتمع الدولي بأن الجنوب لم يعد يكتفي بموقع المتلقي أو الضحية، بل يسعى إلى لعب دور فاعل على الساحة الدولية. هذا الدور يستند إلى رؤية واقعية تأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الوضع الراهن وتبعاته التي طالت الجنوب وشعبه في مختلف النواحي، مع التركيز على تقديم حلول عملية تسهم في بناء مستقبل أفضل للمنطقة.

من بين القضايا التي نتوقع أن يناقشها الرئيس الزُبيدي أيضاً مع قادة العالم في دافوس هي قضية الأمن البحري وتأمين خطوط الملاحة الدولية. حيث البحر العربي وخليج عدن يمثلان شريان حيوي للتجارة العالمية، وأي تهديد لأمنهما ينعكس مباشرة على الاقتصاد العالمي. الجنوب العربي، بموقعه الجغرافي الفريد، يُعتبر خط الدفاع الأول لضمان حرية الملاحة وحمايتها من التهديدات التي تشمل الإرهاب والقرصنة والتدخلات الخارجية. تأكيد الرئيس الزُبيدي على هذا الدور يعزز مكانة الجنوب كشريك إستراتيجي فاعل في تحقيق الأمن الإقليمي.

أيضاً يجب أن لا نغفل عن إبراز جدوى هذه المشاركة على الصعيد الاقتصادي، حيث وأن المنتدى يُعد فرصة ذهبية للجنوب لتقديم نفسه كوجهة استثمارية واعدة. بعد سنوات من التهميش والاستنزاف، يسعى الجنوب إلى بناء اقتصاد مستدام يقوم على تنويع مصادر الدخل واستغلال الموارد الطبيعية بشكل عادل وشفاف. حضور الزُبيدي في هذا المنتدى يفتح الباب أمام استقطاب استثمارات دولية يمكن أن تُسهم في إعادة بناء البنية التحتية وتأهيلها، وتعزيز القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والسياحة والطاقة.

إلى جانب ذلك، فإن المنتدى يوفر فرصة للرئيس الزُبيدي لتوضيح موقف الجنوب من التطورات السياسية الراهنة، خصوصاً في ظل تعقيدات المشهد الحالي ودور الأطراف الإقليمية والدولية فيه. الجنوب يواجه تحديات عدة، أبرزها التدخلات الخارجية التي تهدف إلى فرض أجندات لا تخدم تطلعات شعبه. في هذا السياق، فإن دافوس يُمثل منصة مثالية لتقديم رؤية الجنوب حول الحلول السياسية الممكنة للأزمة الحالية، والتي تضمن حقه المشروع في تقرير مصيره واستعادة دولته.

من المهم أيضاً الإشارة إلى أن مشاركة الرئيس الزُبيدي في المنتدى تأتي في وقت حساس، حيث يتزايد الاهتمام الدولي بمواجهة الأزمات الإنسانية والسياسية التي تشهدها مناطق الصراع. الجنوب، الذي يعاني من تبعات الحرب والصراعات المستمرة، يُعاني أيضاً من أزمة إنسانية خانقة تستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً. وجود القيادة الجنوبية في هذا المنتدى يتيح فرصة لطرح هذه القضية على المجتمع الدولي، وحشد الدعم الإنساني والتنموي الذي يمكن أن يُسهم في تخفيف معاناة السكان خاصة في الجنوب، حيث تتركز المعاناة بشكل ملحوظ جداً، من إنهيار للعملة، وتعطل الخدمات الأساسية، وفساد إداري، وتدهور منظم للقطاعات الحيوية في ظل صمت حكومي مستمر.

إن مشاركة الرئيس عيدروس الزُبيدي في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس تُعد خطوة استراتيجية لتعزيز الحضور الجنوبي على الساحة الدولية. هذه المشاركة هي جزء من رؤية أوسع تسعى إلى تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في السلام والازدهار. الجنوب اليوم يقدم نفسه كشريك موثوق وقوة فاعلة في تحقيق الأمن والاستقرار، على المستوى المحلي، وأيضاً على المستوى الإقليمي والدولي. هذه الخطوة تُعبر عن طموحات شعب بأكمله، يسعى لاستعادة حقوقه وبناء مستقبل يليق بتضحياته وآماله المشروعة.

فيديو