العاصمة عدن خيار استراتيجي لنقل مقرات المنظمات الدولية

دراسات وتحليلات - منذ 1 شهر

عدن ، عين الجنوب| خاص
في عالم اليوم حيث تسود الأزمات الإنسانية، لا يمكن للمساعدات الدولية أن تحقق أهدافها في بيئة غير آمنة ومليئة بالقيود السياسية والعسكرية. اليوم، تواجه المنظمات الدولية العاملة في اليمن معضلة حقيقية وهي الاستمرار في العمل تحت هيمنة ميليشيات الحوثي في صنعاء، أو البحث عن بيئة أكثر استقراراً تتيح لها تنفيذ مهامها بحيادية وفاعلية. هنا تبرز عدن، كخيار لا بديل عنه لنقل مقرات المنظمات الدولية، حيث تتوافر فيها مقومات الأمن والاستقرار والانفتاح الضروري لإنجاح العمل الإنساني. فعلى مدى السنوات الماضية، واجهت المنظمات الدولية في صنعاء بيئة عمل عدائية، حيث مارست الميليشيات الحوثية كافة أشكال التضييق عليها، بدءاً من فرض القيود على تحركات موظفيها، وصولاً إلى احتجاز بعضهم وابتزازهم سياسياً ومالياً. بل إن المساعدات الإنسانية نفسها لم تكن بمأمن، إذ تعرضت للنهب والتلاعب والتوزيع وفق مصالح الحوثيين، بدلاً من إيصالها لمن يحتاجونها فعلاً.

في ظل هذه الظروف، بات من الواضح أن استمرار المنظمات في صنعاء لا يخدم العمل الإنساني، بل يعرقله، ويجعله أداة في يد طرف يستخدم المعونات كسلاح سياسي. في المقابل، تشكل عدن نموذجاً مختلفاً تماماً، حيث تتمتع بمناخ سياسي أكثر انفتاحاً واستقراراً، يتيح للمنظمات الدولية تنفيذ مهامها دون تدخلات أو تهديدات. ولعل أهم المزايا التي تقدمها عدن:

الاستقرار الأمني حيث الوضع في عدن يظل أفضل بكثير من صنعاء، ولا توجد فيها سلطة تسلطية تتحكم بعمل المنظمات الدولية. كما لا تفرض السلطات قيود سياسية على عمل المنظمات، بل يتم تسهيل مهامها لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها. أيضاً تتمتع عدن بميناء رئيسي ومطار دولي وشبكة طرق تسهل عمليات الإغاثة وتوزيع المساعدات إلى مختلف المناطق. والأهم هو تأكيد المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته الحكومية واستعداده لتقديم كافة التسهيلات اللوجستية والأمنية التي تحتاجها المنظمات الدولية لضمان تنفيذ أعمالها بكفاءة وشفافية.

قرار نقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن هو خطوة إدارية، وتحول استراتيجي يحمل العديد من الفوائد، متمثلة في:

تحرير العمل الإنساني من الابتزاز الحوثي، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين. تعزيز شفافية العمليات الإغاثية، ومنع التلاعب بالمعونات. إعطاء دفعة قوية للاقتصاد المحلي في عدن، من خلال خلق فرص عمل جديدة ودعم الأنشطة التجارية المرتبطة بالعمل الإغاثي. إعادة رسم خارطة المساعدات في المنطقة، بحيث تكون أكثر عدالة وفاعلية.

أن الواقع يفرض نفسه؛ خاصة بعد تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كمنظمة إرهابية لذا فإن استمرار المنظمات في صنعاء يعني استمرار استغلال الحوثيين للمساعدات، بينما نقلها إلى عدن يعني إعادة العمل الإنساني إلى مساره الصحيح وتوفير منطلق آمن لتوسيع نطاق الأعمال الإنسانية وبناء الشراكات المستدامة بفاعلية أكبر وبلا قيود، حيث تجد المبادىء الإنسانية مثل الحيادية والنزاهة والإستقلالية البيئة الملائمة لممارستها بكل يسر وحرية.

عدن ترحب بكم، وتفتح أبوابها لكل من يسعى لإنقاذ الأرواح ويبني المجتمعات ويؤسس قاعدة للبناء والتنمية في وقت تشهد فيه البلاد أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

فيديو