المشهد الاقتصادي العالمي في 2025 وانعكاساته على الشركات الصغيرة

اقتصاد - منذ 29 يوم

عين الجنوب | تقرير - خاص

في خضم عام 2025، يجد الاقتصاد العالمي نفسه عالقاً في دوامة من التحديات المتشابكة. المشهد الحالي يرسم صورة قاتمة لتباطؤ النمو العالمي الذي انخفض إلى 2.4% وفقاً لأحدث التوقعات، متراجعاً عن معدل 2.9% في العام السابق. هذا التراجع لم يأتي من فراغ، بل هو نتاج تراكمي لسلسلة من الأزمات التي بدأت مع الجائحة وتواصلت عبر الحروب التجارية والجيوسياسية.

في الولايات المتحدة، تتصاعد موجة من الحمائية التجارية تهدد بزعزعة استقرار الأسواق العالمية. القرارات الأمريكية ورفع التعرفات أحدثت صدمة في دوائر الأعمال الدولية، ما انعكس سلباً على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. كندا، تخسر ما يقارب 12 مليار دولار من صادراتها، بينما تشهد المكسيك انهياراً متسارعاً للصناعات الصغيرة التي تعتمد على السلسلة الإنتاجية مع الولايات المتحدة.

أما في القارة الأوروبية، فلا تزال أزمة الطاقة تلقي بظلالها القاتمة على المشهد الاقتصادي. التحول إلى الغاز المسال، بعد أن كانت أوروبا تعتمد على خطوط الأنابيب الروسية، يكلف الاقتصادات الأوروبية ثمناً باهظاً. ألمانيا، قاطرة أوروبا الصناعية، تشهد إغلاق مصانع نتيجة استهلاك الطاقة.

في قلب هذه العاصفة العالمية، تبرز الشركات الصغيرة والمتوسطة كضحية رئيسية وأمل واعد في آن واحد. هذه الشركات التي تمثل 95% من إجمالي الشركات عالمياً وتوظف 60% من القوى العاملة، تواجه تحديات وجودية. فجوة التمويل التي تصل إلى 5.2 تريليون دولار سنوياً تترك الملايين من هذه الشركات عالقة دون قدرة على النمو أو حتى البقاء. والتحول الرقمي، الذي أصبح ضرورة حتمية، لا يزال بعيد المنال عن 57% من هذه المؤسسات بسبب التكاليف الباهظة ونقص الخبرات.

لكن في خضم هذه التحديات، تبرز بقع ضوء تبعث على الأمل. في سنغافورة، تمكنت الحكومة من خلال منصة جو بسنس من تبسيط عملية إنشاء الشركات إلى 15 دقيقة فقط. وفي افريقيا غير نظام الدفع الإلكتروني وجه الاقتصاد المحلي من خلال شمول 90% من الشركات الصغيرة. هذه النماذج الناجحة تثبت أن الحلول ممكنة عندما تتضافر جهود الحكومات والقطاع الخاص.

المستقبل الذي ينتظر الاقتصاد العالمي يحتمل عدة مسارات. قد نشهد انتعاشاً معتدلاً في 2026 إذا ما خفت حدة التوترات التجارية وبدأت البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة. لكن هناك احتمالاً قوياً لسيناريو أكثر قتامة يتمثل في ركود ممتد قد يطول حتى 2028 بسبب تراكم الديون وضعف الاستثمارات. وفي المقابل، قد تفرض التحولات الجذرية نفسها، مع صعود نماذج اقتصادية جديدة كالاقتصاد الدائري والاستهلاك التعاوني.

فيديو