تأثير الفساد والإرهاب في المنطقة

السياسة - منذ 1 شهر

دور الأطراف المحلية والخارجية في تعزيز الأزمة

عين الجنوب | تقرير - خاص



الواقع الحالي يتم تغذيته بشكل خفي، وهذه الحقيقة سيصل لها من تتبع الأحداث منذ 1990 وما تلاه من أحداث، بما فيها غزو الحوثيين للجنوب وبتواطؤ خارجي، نعلم أن تدخل دول التحالف كان حاسماً ومطلوباً، وهذا الموقف سيظل في ذاكره شعب الجنوب، لكن الصمت الحالي غير مبرر، حيث تشهد المنطقة في الوقت الراهن حالة من التدهور الأمني والاقتصادي، ويتجسد هذا التدهور بشكل أساسي من خلال ارتباط الفساد بالإرهاب، حيث يعمل كلاهما كعنصرين مترابطين في تأجيج الأوضاع وزيادة معاناة الشعب. لكن المشكلة الأعظم التي تتفاقم مع مرور الوقت كما ذُكر تكمن في دور الأطراف الخارجية، التي تملك تأثيراً كبيراً على الوضع في المنطقة، وكيف أن هذا التأثير يساهم في استمرار الفساد والإرهاب داخل البلاد. ويزداد الوضع تعقيداً بسبب التخاذل الداخلي والتواطؤ بين بعض النخب السياسية التي لا تخدم مصالح الشعب، بل تسعى لخدمة مشاريع سياسية خاصة وفق سيناريو تريده بعض الأطراف، فعندما نقول لماذا لم يتم تحرير الشمال من الحوثيين، نلوم بعض الأطراف المحلية ونتغافل عن الدور الذي تلعبه الأطراف الخارجية. وفي هذا السياق، يتساءل كثيرون! هل الدول الجارة التي تدعي الوقوف مع الأشقاء قادرة على التدخل بشكل جاد؟ أم أن هناك سيناريوهات خفية تُطبق على حساب الشعب في الشمال والجنوب؟

فالحكومة الحالية والفساد والإرهاب قد يراها البعض ظواهر منفصلة، والحقيقة الواضحه هي أنهما يشتركان في خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار التي تغرق بها البلاد. في هذا السياق، يعتبر الفساد بيئة حاضنة للإرهاب، حيث يساهم في تمويل الجماعات المسلحة، ويزيد من تعميق الأزمة خاصة في الجنوب، على سبيل المثال، ما جرى من عمليات نهب للنفط في منطقة الضبة يكشف عن أن الفساد هو مشكلة إدارية نتجت عن ضعف الرقابة، مما يجعله جريمة منظمة تهدد الأمن القومي وتساهم في إشعال فتيل الصراع في المنطقة.

كل برميل من النفط المنهوب، وكل عملية فساد تمر دون محاسبة، هي اعتداء على الموارد الوطنية، وتمويل مباشر للفوضى التي تفتح الطريق أمام القوى الإرهابية. وهذه القوى يجب أن لا نختزلها في الجماعات التي تمثل أجندات محلية، بل تشمل أيضاً أجندات إقليمية ودولية تعمل على زعزعة استقرار المنطقة لتوسيع نفوذها، وبشكل أدق تفرض أجنداتها.

في ظل هذه البيئة، لا يمكن إغفال الدور السلبي الذي تلعبه بعض النخب السياسية مثل حزب الإخوان والحوثيين في تعزيز الفساد والظلم في الجنوب. فالشراكة الفاشلة بين المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي وبقية الأطراف السياسية تساهم في إبقاء الوضع على ما هو عليه. يزداد الوضع تعقيداً بسبب وجود أطراف داخلية تعمل مع الحوثيين، أو تلك التي تتبع مصالح معينة تتناقض مع مصالح الشعب. هذه النخب تغذي الفساد بدلاً من محاربته، وتساهم في تعزيز الصراع، مما يخلق بيئة مناسبة للجماعات الإرهابية للتحرك بحرية. كمثال قام عضو مجلس القيادة سيادة اللواء البحسني في تطبيع الأوضاع في حضرموت زيارته كشفت عن فساد مزمن، العجيب أن القوى المعادية للشعب الجنوبي على مختلف مسمياتها هاجمت جهود اللواء البحسني، هذا وإن دل فإنما يدل على أن القرار تريده الأطراف المختلفة أن يبقى بيد شخصيات لا تريد أي إصلاحات حقيقية في البلاد.

هذه القوى، التي تروج لمشاريع سياسية تستند إلى المصالح الشخصية أو الدولية، تعقد الحلول، وتُخدم مشاريع خارجية لا تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة. بدلاً من أن تسعى تلك الأطراف إلى إيجاد حلول حقيقية للأزمة الإقتصادية، فإنهم يمهدون الطريق لتوسيع النفوذ الخارجي الذي ينعكس سلباً على الشعب.

والسؤال حول دور الأطراف الخارجية يفرض نفسه؛ هل هي غير قادرة أم تتبع سيناريوهات خفية؟ الأسئلة التي يطرحها الشعب خاصة شعب الجنوب حول الدور الخارجي في الأزمة الحالية. من المؤكد أن الدول الجارة والدول الكبرى على دراية تامة بما يحدث في المنطقة. ومع ذلك، يظل السؤال قائماً، لماذا لم تتحرك هذه الدول بشكل حاسم لإنقاذ المناطق المحررة من الوضع الكارثي الذي يعيشه؟ هل هي غير قادرة على التدخل بشكل جاد وفعال، أم أن هناك سيناريوهات مخفية تحاول بعض القوى فرضها على حساب الشعب الجنوبي.

لا شك أن هناك تواطؤاً غير معلن بين بعض القوى الخارجية والنخب السياسية المحلية التي لا تسعى إلى تغيير الوضع، بل تعمل على تعزيزه بما يخدم مصالحها. ويزداد الشك حول هذه القضية حينما نلاحظ أن بعض الدول التي تدعي دعمها لمجلس القيادة الكرتوني، لا تتخذ مواقف حاسمة تجاه تدهور الأوضاع في الداخل. هذا يشير إلى أن بعض هذه الدول قد تكون قد اختارت عدم التدخل بجدية، ربما بسبب مصالحها الخاصة أو أجنداتها.

من جهة أخرى، هناك دول قد تكون تسعى إلى فرض سيناريو معين في اليمن يتوافق مع مشاريعها السياسية أو الاقتصادية على حساب شعب الجنوب. وقد تكون هذه المشاريع مرتبطة بتغيير التركيبة السياسية أو حتى الجغرافية للمنطقة بما يخدم الأطراف الإقليمية والدولية. هذا السيناريو يشير إلى أن الوضع في المنطقة ليس فقط نتاج لصراع داخلي، بل هو جزء من صراع إقليمي ودولي أوسع.

لذا وبناء على المثل والمبادىء التي يحترمها او يدعمها المجتمع الدولي، أصبح من الضروري أن يرتفع صوت الشعب الجنوبي في وجه المعاناة التي يتعرض لها. يجب أن يتبنى الشعب الجنوبي استراتيجية أكثر فاعلية في تصعيد الموقف ضد القوى السياسية المتواطئة، سواء كانت داخلية أو خارجية، التي تساهم في بقائه في دوامة الفساد والإرهاب وفي وضع اللاسلم واللا حرب.

يجب على الشعب الجنوبي أن يعبر عن رفضه الواضح للظلم والفوضى، وأن يطالب بتغيير شامل للواقع السياسي في المنطقة. هذه المرحلة تتطلب وعياً جنوبياً عالياً، ونضوجاً سياسياً يتيح للجنوب دوراً أكبر في تقرير مصيره، بعيداً عن المشاريع الإقليمية والدولية التي لا تضع مصالحه في أولوياتها.

إن الوضع الراهن في المنطقة هو نتيجة لتواطؤ داخلي وصمت خارجي، حيث يعمل الفساد والإرهاب كأدوات تعميق للأزمة في البلاد. لكن الشعب الجنوبي، لديه القدرة على تغيير هذا الواقع إذا تحرك بوعي واحتجاج حازم ضد القوى التي تساهم في معاناته. الوضع يحتاج لوقفه حاسمة لرفع المعاناة عن كاهل الشعب، واستعادة القرار الوطني الجنوبي بعيداً عن أي تدخلات خارجية تفرض مشاريع لا تخدم سوى مصالح محدودة. إن المعركة ضد الفساد والإرهاب والمشاريع الضيقة هي معركة واحدة تتطلب تضافر الجهود المحلية والإقليمية من أجل تحقيق الاستقرار، وتوفير حياة أفضل للمواطن الذي يستحق مستقبلاً خالياً من الأزمات المفتعلة.

فيديو