نظرية الفوضى منظور محلي ودولي

دراسات وتحليلات - منذ 5 شهر

نظرية الفوضى (Chaos Theory)

عين الجنوب | تحليلات


 النظرية تحلل كيف يمكن للأحداث الصغيرة وغير المتوقعة أن تتسبب في تأثيرات كبرى وغير متوقعة، ترتبط بشكل وثيق بما يحدث في اليمن، وبشكل خاص الجنوب. هذه النظرية تصف حالة العالم الذي يبدو عشوائياً وغير منظم لكنه يتبع أنماطاً وقواعد دقيقة. إذا أُسقط هذا المفهوم على السياق الجنوبي، يمكن استكشاف عدة دلالات سياسية واجتماعية واقتصادية.

الجنوب يمثل إحدى مناطق الصراع الذي أصبح ساحة لعب قوى إقليمية ودولية. القوى الكبرى تستخدم حالة الصراع الداخلي او النفوذ كوسيلة لتحقيق مصالحها. على سبيل المثال، الدعم الموجه من أطراف متعددة، سواء للتحالف أو للحوثيين، يخلق شبكات معقدة من التحالفات والعداوات التي تستمر في إنتاج حالة (فوضى منظمة). هذه الفوضى قد لا تكون عبثية، بل تسعى لتحقيق أهداف طويلة الأمد وإستراتيجية.

فمثلاً الجنوب يشهد صراعات سياسية متداخلة بين المجلس الانتقالي الجنوبي المفوض من الجنوبيين والحامل لقضيتهم وأطراف شمالية، تترافق مع تدخلات إقليمية. هذه الصراعات ليست عشوائية بالكامل، بل تخضع لأنماط تهدف إلى تشكيل مستقبل الجنوب. ولكن، وفقاً لنظرية الفوضى، القرارات الصغيرة مثل تغييرات القيادة او إجتماع مع قادة وسفراء أو الأحداث المحلية قد تتسبب في تحول كبير خاصة إذا ترافق مع الإدراك، مما يزيد من تعقيد المشهد، خاصة السياسي والإجتماعي فمن مثل هكذا أحداث تنطلق الثورات والتغييرات على المستوى المحلي بل يمكنها تجاوز الحدود لتصبح عالمية.


وفي سياق الأزمات الاقتصادية في الجنوب، بما في ذلك انهيار العملة وارتفاع معدلات البطالة، تعمل مثل (نقطة حساسة) وفقاً لنظرية الفوضى. التداعيات الاقتصادية الناتجة عن هذه الأزمات تؤدي إلى مزيد من الاضطراب الاجتماعي والسياسي، مما يعزز دائرة الرغبة في التحرر والإستقرار. وكما في نظرية الفوضى، حيث تتداخل الأنماط بشكل غير متوقع، فإن الجنوب يمثل منطقة تتقاطع فيها المصالح الدولية والإقليمية بشكل متشابك. الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، إيران، الصين وروسيا كلها تلعب أدواراً تتأثر وتؤثر على هذا الوضع المضطرب.

وعلى الرغم من الطبيعة السلبية للفوضى، إلا أن النظرية تشير إلى أن الأنظمة الفوضوية قد تعيد تشكيل نفسها لتصبح أكثر استقراراً. الجنوب على ما يبدوا يمر بمرحلة (إعادة ترتيب) طويلة الأمد بعد انتهاء الفوضى الحالية، مع احتمال ترسيخ نظام سياسي جديد أكثر انسجاماً مع طموحات السكان الجنوبيين.


فيلم The Chaos (الذي شارك فيه الممثل الشهير جيسون ستاثهام) قد يركز على استكشاف الفوضى في سياقات مختلفة، لكن إذا أسقطنا فكرته على الجنوب، فيمكننا النظر إلى ما يلي:

هل الأطراف الخارجية فقط هي التي تغذي الفوضى أم أن الأطراف المفروضة في الحكومة الحالية تتحمل جزءاً من المسؤولية؟

وكيف يمكن للجنوبيين بناء هياكل مستقرة وسط تأثير القوى الإقليمية والدولية؟ وهل حان الوقت للأطراف المحلية خاصة تلك التي في حضرموت أن تدرك ان المصلحة الخاصة تكمن في توحيد الجهد السياسي، أم أن الفوضى طغت على رؤية النظام؟


الانعكاسات الإنسانية: الصراع في الجنوب سواء كان سياسي او إقتصادي او إجتماعي تماماً كما في الفيلم، يحمل معاناة إنسانية كبيرة تُستخدم كأداة للضغط السياسي.

دلالات نظرية الفوضى متعلقة بالأساس بالرياضيات والعلوم الطبيعية ولكن امتدت الى السياسة وتشير إلى أن حالة الفوضى الحالية ليست عبثية تماماً، بل هي نتاج شبكة معقدة من الأسباب والنتائج التي تحتاج إلى تفكيك وتحليل عميق لفهمها وإيجاد حلول مستدامة ولتعزيز الفهم لما تشير اليه هذه النظرية كن على يقين أن ما تراه ليس مهماً وبلا معنى يحمل في داخله شكل للقادم عند جمع مثل هذا الأحداث تماماً مثل قطع اللعب تتضح الصورة والسياق والإتجاه. وعلى الرغم من مساوىء هذه النظرية وتطبيقها على مستوى شعوب وأنظمة لكن ربما تكون الفوضى طريقاً نحو النظام، والأمثلة في العالم الحديث متوفرة: الحرب الأوكرانية الروسية وعلامات لنظام متعدد الأقطاب، الصراع بين حماس وإسرائيل وأجندة زعزعة إستقرار دول الشرق الأوسط وبالتأكيد فوضى ونظم وأجندة الإمبريالية الحديثة.

ولكن للوصول الى النظام في الجنوب كلياً يتطلب ذلك فهم للوضع الحالي وإدراك للمتغيرات وتحليل للنتائج في المقام الأول ثم قرارات شجاعة وجماعية من الجنوبيين أنفسهم ومن الأطراف الفاعلة الأخرى سواء من الإقليم أو الغرب او الشرق.

فيديو