وثائق البنتاغون المسربة تكشف خفايا مفاوضات السعودية والحوثيين المشحونة

السياسة - منذ 1 سنة

عين الجنوب:     ألقت وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بالغة السرية؛ الضوء على مفاوضات الغرف المغلقة، بين المملكة العربية السعودية، ومليشيا الحوثي - الذراع الإيرانية في اليمن. وزعمت صحيفة "ذا انترسبت" الأميركية، الثلاثاء، أنه في أعقاب الاتفاق المدعوم من الصين، كان السعوديون على استعداد إلى حد كبير للتخلي عن وكلائهم (الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا) من أجل إنهاء الحرب المستنزفة في اليمن. لكن، بحسب الصحيفة، شعرت الولايات المتحدة بالقلق وسارعت إلى إرسال الدبلوماسيين إلى المنطقة للضغط على أمل تقويض الصفقة قيد الإعداد. وقالت إن تيم ليندركينغ، المبعوث الأميركي إلى اليمن هرع إلى الرياض في 11 نيسان/أبريل، مع انتشار أنباء عن اتفاق سلام، لتذكير القادة السعوديين برغبة الولايات المتحدة في الاستمرار في دعم وكلائهم في الحرب. وأضافت إنه قبل الانفراج السريع الذي توسطت فيه الصين وإيران في محادثات وقف إطلاق النار، أفادت المخابرات الأمريكية أن المملكة العربية السعودية والحوثيين يستعدون لسياسة حافة الهاوية. التقرير الاستخباري، بحسب الصحيفة، هو "نافذة على الحسابات الاستراتيجية للسعودية واليمنيين، في الأسابيع الأخيرة قبل أن تتوسط الحكومة الصينية في تقارب بين السعودية، وإيران التي تدعم المتمردين الحوثيين. وذكرت أنه في الوقت الذي كُتبت فيه مذكرة البنتاغون السرية، بدا التحرك السريع لاتفاقية وقف إطلاق النار باقتراح مشبوه. وكشفت الوثيقة، وهي جزء من مخبأ لوثائق البنتاغون التي تم تداولها علنًا في الأسابيع الأخيرة، المفاوضات المشحونة بين السعودية والحوثيين بشأن اتفاقية سلام محتملة. وتحدثت الوثيقة عن نية السعودية المزعومة "إطالة أمد المفاوضات"، وهو تذكير ينذر بالسوء بأنه حتى برغم التقدم المفاجئ هذا الشهر، فإن السلام بعيد كل البعد عن اليقين. وطبقا للصحيفة، ورد أن السعوديين وافقوا على تنازلات أكثر أهمية مما كان معروضًا في منتصف فبراير، مما يدل على أن مسارًا مباشرًا أكثر للسلام كان متاحًا بالنظر إلى المناورة الدبلوماسية الحقيقية، وإذا نجحت محاولة وقف إطلاق النار، فإنها ستضع حداً لحرب طاحنة أوصلت اليمن إلى شفا المجاعة. الوثيقة -التي تحمل عنوان "سري للغاية"، مع اقتصار نشرها على الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الاستخباراتيين- تقدم لمحة تفصيلية حتى الآن عن محادثات القناة الخلفية السرية التي تتكشف بين المسؤولين الحوثيين والسعوديين. كما أن وثيقة تحمل عنوان "المتحدث الرسمي الحوثي يتلقى تحديثاً حول المواقف التفاوضية السعودية"، تصف المفاوضات بين الأطراف حول قضية رواتب القطاع العام في اليمن. حيث لم يتم دفع الرواتب لعدة سنوات، مما جعل الدولة غير قادرة على العمل. وحتى تحقق الإنجاز الواضح في هذا الشهر - التقى القادة السعوديون والحوثيون للمرة الأولى علنًا الأسبوع الماضي في العاصمة اليمنية صنعاء - وكانت مدفوعات الموظفين الحكوميين نقطة شائكة، ليس فقط للمملكة العربية السعودية، ولكن أيضًا لحلفائها الأمريكيين أيضًا.  واعتبرت إدارة بايدن أن مطالب الحوثيين بأن يدفع السعوديون رواتب القطاع العام، بما في ذلك العسكريون والعاملون في مجال الأمن، خارجة عن المألوف.  وفي إيجاز صحفي في أكتوبر/ تشرين الأول، شجب تيم ليندركينغ، المبعوث الأمريكي إلى اليمن، ما وصفها بـ"المطالب المتطرفة للحوثيين، واصرارهم على دفع الرواتب أولاً لأفراد الجيش والأمن التابعين للحوثيين". وقال إنها كانت "عتبة كان من الصعب جدًا على الجانب الآخر التفكير فيها وكانت غير معقولة تمامًا". ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما اتفقت عليه الأطراف منذ ذلك الحين، بعد المصالحة الصينية، حيث لم يكن الأمر ناجما عن كون الصفقة مستحيلة، وإنما لأن الولايات المتحدة لم تكن تريد ذلك. ويوضح التقرير الاستخباراتي الذي تم الكشف عنه حديثًا أنه كانت هناك اتصالات بين الطرفين بشأن دفع الرواتب قبل أسابيع من اجتماع يوم الأحد 9 أبريل في صنعاء.  وبحسب الوثيقة، في منتصف فبراير/ شباط، أطلع السفير السعودي في اليمن محمد بن سعيد ال جابر بشكل خاص المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام على موقف الرياض التفاوضي.  ووضع خيارين لدفع رواتب موظفي القطاع العام اليمني على مراحل، مما يسمح لهيئة مستقلة بتقييم قائمة الموظفين الحكوميين منذ ما يقرب من عقد من الزمن، كشرط قبل دفع رواتب جميع الموظفين. وكما يشير تقرير المخابرات كان صبر الحوثيين ينفد، وربما لم يكن لدى السعوديين نية لعقد صفقة في ذلك الوقت. وتنص الوثيقة على أن "مصدرا استخباراتيا حوثيا قدّر على ما يبدو أنه إذا أصدر الحوثيون "بيانًا قويًا"، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على السعوديين، حيث كان السعوديون يعتزمون إطالة أمد المفاوضات وتجنب التعهد بالتزامات حازمة"، في إشارة إلى احتمال أن يطالب الحوثيون "بقوة" بدفع الرواتب. وحذر المستشار من أن صبر الحوثيين "أسيئ فهمه" وأن السعوديين يأملون في تقليص مطالب الحوثيين تدريجياً على أساس الاعتقاد بأن الحوثيين يتعرضون لضغوط ويحتاجون إلى انفراج في القضايا الإنسانية قبل بداية شهر رمضان". تتناقض الرواية بشكل حاد مع الخطاب العام المتفائل من إدارة بايدن في ذلك الوقت، ففي 2 أبريل، أصدر الرئيس جو بايدن بيانًا وصف فيه الذكرى السنوية الأولى للهدنة المؤقتة بأنها "معلم هام". وعلى الرغم –تقول الصحيفة الأمريكية- من انتهاء الهدنة رسميًا، إلا أن القتال الكامل بين الجانبين لم يستأنف. وقال بايدن إن الهدنة "أنقذت أرواحًا لا تعد ولا تحصى من اليمنيين" و"هيأت الظروف لسلام شامل".

[عين الجنوب]

فيديو