تحليل الجنوب.. شريك صادق وحليف وفيّ لا يعرف الغدر

السياسة - منذ 7 أيام

عدن،عين الجنوب – خاص

من يتتبع مسار الاتفاقيات المبرمة بين الجنوب والشمال – سواء برعاية خليجية كاتفاق الرياض أو ما قبله – يجد نفسه أمام حقيقة ثابتة: أن الجنوب كان دائمًا الطرف الملتزم، فيما كان الشمال الطرف الناكث. المصطلحات التي تزين تلك الاتفاقيات مثل الشراكة، وحدة القرار، التشاور عكست رغبة خليجية صادقة في تحقيق التوافق، لكن التجربة أظهرت أن الشمال لا يرى في الاتفاقات سوى وسيلة للغدر والتنصل.

لقد دخل الجنوبيون الوحدة اليمنية بحسن نية ورغبة في بناء دولة مؤسسات ومواطنة متساوية، فسلموا كل مقدرات دولتهم: الجيش، العتاد، الوزارات، والمصالح العامة. لكن ما كانت النتيجة؟ انقلاب على العهود، وتحويل الوحدة إلى ضم وإلحاق ثم اجتياح، لتتحول الشراكة المأمولة إلى احتلال فعلي.

حتى وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في الأردن – كغيرها من الاتفاقيات – لم يطبق منها بند واحد، وسارت على خطى مئات العهود التي سبقها: نقض وغدر. هذه سمة متكررة في تاريخ الشمال، لم يسلم منها حتى حلفاؤه الخليجيون. فعهد عفاش الذي يتباكون عليه اليوم شاهد حيّ: فمع كل ما قدمته السعودية للشمال من رواتب للجيش، وإمداد بالمؤن، وتمويل للبنية التحتية، سلّم عفاش صنعاء للحوثي دون خلاف يذكر، مسددًا الطعنة الكبرى في ظهر الخليج.

أما ما تسمى بـ"الشرعية" وأداتها الإخوان المسلمون، فقد ساروا على نفس النهج. فبدلًا من تحرير أرضهم بدعم خليجي، سلموا معسكرات كاملة للحوثي في مأرب، وحولوا السلاح والعتاد الممنوح لهم إلى خنجر في خاصرة الخليج.

في المقابل، يظل الجنوب وفيًا، مقدرًا وممتنًا للأشقاء الخليجيين. لا تجد في خطاب الجنوبيين سوى الشكر والتقدير، بينما لم نسمع من الشماليين إلا الجحود والنكران.

لقد أثبت الجنوب عبر تاريخه ثباته المذهبي والديني؛ فمنذ قرون وهو على المذهب السني الكامل، لم تغيره الظروف ولا الاحتلالات. بينما الشمال اليوم يتحول تدريجيًا من الزيدية إلى الاثني عشرية، ليصبح حضنًا للتمدد الإيراني الفارسي، في تهديد مباشر للأمن الخليجي.

ومن هنا يبرز التساؤل المشروع: لماذا لم يتم الاعتراف بدولة الجنوب وتقويتها عسكريًا واقتصاديًا لتكون السند الحقيقي والخط الأمامي لأمن الخليج العربي؟ الجنوب هو الحارس الأمين للبحر الأحمر ومضيق باب المندب، والبوابة الرئيسية لحماية الخليج من الأطماع الفارسية ومن ناقضي العهود.

فيديو