قراءة تحليليه سياسات الغدر والهيمنة في تاريخ اليمن المعاصر:

دراسات وتحليلات - منذ 5 أيام

عين الجنوب| خاص 
منذ بداية ما تسمى بالوحدة اليمنية، والشعب الجنوبي يعاني الغدر والمكر والخداع. ففي الجانب السياسي غدر الشماليون بدولة الجنوب ووزاراتها ومؤسساتها وجيشها وأمنها ورئيسها وقادتها ومرؤوسيها وجنودها ومواطنيها. أغلبهم ذاقوا هذا الغدر والنصب، إن لم يكن من سياسيهم، فلا شك سيكون من بائع متجول لقّنك درسًا في فن الخداع.

كل شيء في الجنوب تعرض للغدر والالتهام حتى اكتملت المعادلة بابتلاع وطن اسمه الجنوب في جراب الجمهورية العربية اليمنية بشراكة جائرة اسمها الوحدة، ومسمى جديد يدعى "الجمهورية اليمنية"، التي لم تكن سوى فخ لالتهام دولة كاملة كان صداها يجلجل في كل أنحاء العالم، كانت تدعى بالدولة الجنوبية أو "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية".

دخلت في شراكة مع الجمهورية العربية اليمنية بمسمى يدعى الوحدة اليمنية، ليتم الغدر بدولة الجنوب وابتلاعها بجيشها وأمنها وعلمها وعملتها وكل ما تملك. ورغم ما حدث للجنوب من غدر وخيانة ما زالت بعض آثارها حاضرة حتى اليوم، فلا يزال بعض الجنوبيين المغرّدين خارج السرب الجنوبي يتغنون بما تسمى بالوحدة اليمنية، حيث لم يستفيدوا من الدروس التي تلقيناها كجنوبيين، ولم تتمكن من إيقاظ البعض ممن يتباكون على أيام قضاها الجنوبيون وهم يتلقون الطعنات الغادرة من إخوتنا الشماليين، ولإيقاظ وعي بعض الجنوبيين الذين ما زالوا مسكونين بهاجس هذه الوحدة ولم يتعلموا الدرس.

هذه الوحدة المشؤومة التي استخدمت كشعار فضفاض تخفي تحت طياتها الغدر الشمالي الذي تعدّى حدود الجنوب ليغدر بكل القوى التي جاءت لتحريره كجيش مصر العظيم وكل من تعامل معهم، والتي أوجز الكاتب أحمد منتصر الزيات صورًا من الغدر الشمالي. وحتى لا يتم المبالغة في الموضوع أترك الكاتب يسترسل في شرحه دون تعديل أو حذف أو إضافة، لنرى ما قاله هذا الكاتب البصير بخط يده، حيث يقول عنهم:

تاريخ من الغدر والخيانة، حتى أصبح جزءًا من الثقافة اليمنية منذ القدم. فالمواقف تتبدل وفق المصالح بين أطراف الصراع، فالحليف يغدر بحليفه، والصديق يغدر بصديقه في نصف الطريق الذي يسيران فيه سويًا ولو عاهده وحلف له بأغلظ الأيمان!

قبائل اليمن الشمالية تتمنطق بالخناجر والجنابي، والأحزمة المذهبة، ولا تشهر جنابيها على خصومها، ولكنها تسلمها للأقوى طواعية. خناجرها للجاه والزينة فقط، ولا تخرجها إلا وقت البرع على وقع الطبول والمزامير، فهي قبائل تبيع كل شيء من أجل المال، والدية في أعرافها عند القتل (رأس ثور) مع بضع رشاشات، وهذا يكفي لترضية أهل القتيل!

قبائل متخاذلة لا تنصر مظلومًا ولا ضعيفًا، تخضع للأقوى ولو كانت امرأة ملكة أو ساحرة أو دجالًا يدّعي النبوة! قبائل ساعدت الأحباش في سقوط اليمن بتخاذلها، وساعدت أبرهة الأشرم في بناء (كعبة القليس) في صنعاء، وسلّمته القلاع والحصون، وخضع له الأقيال والفرسان، وعلفوا أفياله وخيوله. قبائل أسلمت مع "باذان الفارسي"، وارتدت مع "أبي الأسود العنسي".

عانى منهم الأتراك في اليمن عندما جاؤوا لطرد البرتغاليين من سواحل اليمن، لم يشفع للأتراك أنهم مسلمون مثل أهل اليمن، ولا لأنهم يريدون حمايتهم من غزو استعماري غربي. فغدروا بهم ونكّلوا بهم في كل وادٍ وسهلٍ وجبل، وقتلوا منهم ألوفًا مؤلفة، حتى أُطلق على اليمن (مقبرة الأناضول). ومن ذهب منهم إلى اليمن لا يعود، بكاهم أهاليهم وذرفوا الدموع عليهم، وكتب فيهم الشعراء قصائد الرثاء، وغنّى المطربون ألحانًا شجية حزينة لا زالت تتردد أصداؤها في قرى تركيا وهضاب الأناضول حتى اليوم، تحكي عن الغدر والخيانة.

في عام 1962م عندما قامت ثورة 26 سبتمبر، ذهب المصريون لدعمها وللخروج باليمن وشعبه من دائرة الفقر والبؤس والتخلف والمرض. وأرسل عبد الناصر كتيبة لمساعدتهم، ثم تضاعف العدد حتى وصل إلى 70 ألفًا من الجيش المصري. ترى ماذا فعلوا به؟ وما كان جزاؤه؟ لقد قتلوا منهم أكثر من 10 آلاف شهيد!

في البداية قام الشماليون بإبادة فرقة كاملة من قوات المظلات، كان على رأسها الضابط نبيل الوقّاد أثناء هبوطها بالمظلات (في صرواح). خان الشيخ ناجي الغادر صديقه الشخصي الضابط المصري (سند) وغدر به، وتم اغتياله بعد أن باع واشترى في دمه، وقبض مليون ريال جائزة من الإمام محمد البدر في رأسه.

الله يمهل ولا يهمل، فكان الجزاء من جنس العمل، وبُشّر القاتلون بالقتل ولو بعد حين. وكانت نهاية ناجي الغادر على يد الحزب الاشتراكي اليمني (الحزب الحاكم لجنوب اليمن آنذاك)، ومعه 65 شيخًا تمت إبادتهم بالكامل في بيحان داخل أحد المعسكرات في أوائل السبعينيات من القرن الماضي. وكذلك كانت نهاية قاسم منصر، الذي أوغل في دماء المصريين واليمنيين على السواء، وكانت نهايته على يد أحد أبناء عمومته.

في الستينيات عندما كان المصريون يتخفّون في مناطق القبائل الشمالية، كانوا يُسألون: قل "بقرة"! فإذا نطقها عرفوه — لأنه إذا قال: "بأره" فهو مصري، وإذا قال: "بَغْرة" فهو من مثلث الدوم، وإذا قال: "بَجْرة" بالجيم فهو صنعاني، ويترتب على ذلك تحديد النطق والقتل!

قبائل الشمال خانت السلال وغدرت بالشرفاء ومشايخ اليمن الأسفل، وعلي عبد المغني قائد الثورة، وتآمر مشايخهم مع علي عبد الله صالح وأحمد حسين الغشمي على اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، أنزه رئيس أنجبته اليمن، وقتلوه وهو في ضيافتهم آمنًا، في صورة من أبشع وسائل الغدر والخيانة، وأكبر مسبة عندما يقتل العربي ضيفه في منزله. وألحقوا به شقيقه قائد قوات المظلات في نفس اليوم.

منذ تولى صالح الحكم، وهو يغدر ويقتل ويحبك المكائد والمؤامرات لكل من اعترض طريقه. استأمنه الجنوبيون وسلموه بلادهم كاملة تحت شعارات عاطفية حمقاء اسمها "الوحدة اليمنية"، فغدر بهم ونكّل بهم ونهب خيرات بلادهم وأرزاقهم وشرد شعبًا بأكمله.

غدروا بالكويت بلد الخير والعطاء التي بنت لهم المدارس والمستشفيات وجامعة صنعاء، وطعنوها في الظهر ووقفوا مع صدام أثناء غزو الكويت.
غدروا بالسودانيين في سهول تهامة، وسقط منهم 84 شهيدًا دفعة واحدة.

الغدر يسري في دمائهم.
غدروا برئيسهم صالح (أحد الغادرين برئيسه ورئيسهم السابق الحمدي)، الأولى داخل بيت الله، والثانية عندما باعه أقرب المقربين من أصدقائه، وعلى رأسهم اللواء عبد الملك السياني وطارق محمد عبد الله صالح نجل شقيقه، واثنان من كبار معاونيه منهم صحفي، بعد أن وضعوا أجهزة تنصت في منزله لصالح الحوثيين، وقتل وهو يصرخ:"باعوني..

تخلت عنه قبائل الطوق التي صُرف لها المليارات، وكان يعتبرها سفينة نجاته عند الأزمات والخطوب. باعته جماهير السبعين والساحات، وهرب قناصته وثعالبه، وتبخرت جماهيره وحشوده!


حقائق تاريخية لا يستطيع يمني إنكارها، فانشرها لكل من لا زال مخدوعًا عن أهل اليمن، وخاصة قبائل طوق صنعاء ومن يدينون بدين الشيعة الزيدية والاثني عشرية والإسماعيلية. ومن غالط فإنما يغالط نفسه، فالتاريخ والواقع تفرضهما الأحداث.

فيديو