عيدروس نصر النقيب

همس اليراع.. في الاستراتيجية والتكتيك

مقالات - منذ ساعتان

في علم السياسة تبرز مفردتا \"الاستراتيجية\" و\"التكتيك\" كمفهومين أساسيين في كل عملية سياسية، وبدون وضوحهما تظل العملية السياسية مشوشة والمكون السياسي الذي يقودها عرضةً للتوهان والارتباك الذين قد يقودان إلى الفشل.

ولأن المفردتين آتيتان من اللاتينية واللغات المتفرعة عنها، تبدوان للبعض وكأنهما لغزان عصيان على الفهم، مع إنهما لا يحملان أي غموض أو ارتباك أو سبب من أسباب التشوش، إذ يمكن نقلهما إلى العربية من خلال التعريف بمعناهما؛ حيث إن المعنى العربي لمفردة الاستراتيجية يتلخص في إنها خطة طويلة المدى لتحقيق هدف رئيسيِ ذي مضمون مصيري، وفي هذا الإطار يمكن أن تندرج تلك القضايا الكبرى من أعلى مستوياتها كالثورة والمقاومة أو بناء الدولة وكل شكل من أشكال التغيير السياسي إلى أدناها كالخطة التنموية والمشروع التنفيذي المعين في أي مجال من مجالات الحياة، أما مفردة التكتيك فتعني تلك الأدوات والوسائل والطرائق والمناهج والأساليب اللوجستية والعملياتية التي من خلالها فقط يمكن تحقيق الهدف النهائي (الاستراتيجي)، وغالبا ما تكون التكتيكات قصيرة المدى قابلة للتغيير والاستبدال تبعا للمتغيرات التي تشهدها البيئة السياسية والاجتماعية التي في ظلها يجري العمل من أجل تحقيق تلك الاستراتيجية.

ومن المهم الإشارة إلى إنه لا استراتيجية بدون تكتيك ولا تكتيك بدون استراتيجية، وبناء الاستراتيجية بدون تحديد التكتيكات المتصلة بها كالذي يريد أن يبني بيتاً أو عمارةً أو حتى مشروع عمراني كبير بدون تحضير مستلزمات ومواد البناء من أرضية وحديد وإسمنت وخشب وحجارة وخرسانة، وغيرها، وهذا ينطبق على إعداد التكتيكات بدون تحديد الهدف الاستراتيجي، إذ إن توفير مواد البناء مهما كانت جودتها وحسن نوعيتها، فإنها تتبدد في الفراغ ما لم يكن الهدف الاستراتيجي (الذ هو هنا تحديد نوع البناء الذي تريده) محدداً وواضحاً وجلياً.

إن الوسائل والأدوات والطرائق والأساليب يمكن أن تختلف من مرحلة إلى أخرى، ويمكن استبدال بعضها بأخرى حينما يستدعي الأمر ذلك لكن الاستراتيجية يجب أن تظل ثابتةً لا تقبل التغيير أو الاستبدال، وحينما تتغير أو تتعدل فإن حاملها السياسي أو متبنيها يفقد مصداقيته أمام أصحاب المشروع الذي يتبناه، وربما فقد مبررات وجوده، حيث إن استعادة حشد الأنصار والمؤيدين لهذا التغيير تبدو أشبه بالمستحيلة، أما التغيير في الوسائل والأدوات التكتيكية فيمكن تصور مبرراته لكنه يجب أن لا يمس جوهر الهدف الاستراتيجي أو أن يستبدله بهدف آخر.
   وللحديث صلة

فيديو