تقرير أممي يمهّد لقرارات دولية حاسمة: تفكيك ميليشيا الحوثي وضبط شبكات التمويل والتهريب في اليمن

تقارير - منذ 5 ساعات

عين الجنوب | خاص:
تقرير موجز ومطوّل عن وضع اليمن في العام الحالي يقدّم قراءة موضوعية ومركّزة انطلاقا من خلاصات تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن لعام ألفين وخمسة وعشرين يسلط التقرير الضوء على مجموعة مترابطة من الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية التي تواصل احتلال المشهد في اليمن ويبيّن أن النزاع الراهن صار مهيأ لتغذية دورات عنف مستمرة وتقلص قدرات الدولة على حماية مواطنيها

يستعرض التقرير الواقع المالي والسياسي في اليمن مشيرا إلى سيطرة ميليشيا الحوثي على الإيرادات العامة للدولة وامتلاكها لشبكات مالية موازية تموّل عملياتها العسكرية واللوجستية عبر جبايات وابتزازات وأنشطة تهريبية وتجارة وقود غير مشروعة ويرصد التقرير أثر هذا الاقتصاد الموازٍ على هدر الموارد العامة وإضعاف القدرة التشغيلية للمؤسسات الرسمية في المناطق المحررة

يركز التقرير على التدهور الحاد في قيمة العملة الوطنية حيث انخفض سعر الريال إلى مستوى يقارب اثنان ألف وثمانمئة ريال للدولار الواحد ما يعكس عجزا متفاقما في سياسات إدارة النقد وضعفا في الاحتياطات وخللا في قدرة السلطة الشرعية على توحيد النظم المالية بين صنعاء وعدن ويشير التقرير إلى أن الانقسام المالي هذا عمّق الفوارق الاجتماعية وأدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتآكل الدخول الحقيقية لفئات واسعة من السكان

من الناحية الأمنية يبين التقرير أن الميليشيا عززت قبضتها على الإدارة المحلية والهيكلة الأمنية في مناطق سيطرتها كما طوّرت قدرات عسكرية وتقنية بما في ذلك استخدام منظومات طائرات مسيّرة وصواريخ وقد استخدمت هذه القدرات لشن هجمات استهدفت خطوط الملاحة البحرية قرب البحر الأحمر ومضيق باب المندب مما أدى إلى تعقيد المشهد الإقليمي وتعريض الملاحة التجارية لمخاطر متزايدة

يتناول التقرير تدخلات إقليمية ودولية محدودة تشمل عمليات عسكرية استهدفت أهدافا حوثية في مناطق عدة بهدف حماية طرق الشحن الدولية ومع ذلك يلفت التقرير إلى محدودية أثر هذه الضربات في تحييد قدرات الهجوم البحري للميليشيا نتيجة لمرونة التشكيلات الحوثية واعتمادها على شبكات تهريب وموارد بديلة

يركز البند الإنساني في التقرير على الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي الإنساني من جميع الأطراف ويشير إلى تسجيل حالات اعتقال تعسفي واختفاء قسري في مناطق سيطرة الميليشيا وقمع ممنهج للنساء والصحفيين واستمرار تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع كما يؤكد التقرير أن الهجمات العشوائية على المدنيين وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية زادت من معاناة السكان وأدت إلى تردٍ ملحوظ في ظروف الحياة وتأمين الخدمات الأساسية

يتناول التقرير كذلك جوانب شبكة التهريب والتزويد بالسلاح ويشير إلى تدفق أسلحة عبر مسارات بحرية معقّدة من مناطق عدة ما يبرز قصورا في إجراءات المراقبة البحرية وغياب فعالية التنسيق الدولي لمواجهة هذه الشبكات وهو ما يكرّس امكانيات استمرار الصراع وتغذية الأدوات العسكرية لدى الأطراف غير الحكومية

في قراءة تحليلية يشرح التقرير أن ميليشيا الحوثي تمارس واقع سلطة مستقلاً عن أي التزامات سياسية أو قانونية حيث بنت مؤسسات مواكبة للواقع الأمني والإداري وتعتمد على مداخل اقتصادية تضمن لها الاستمرار بينما تبدو الحكومة الشرعية عاجزة عن فرض نموذج اقتصادي موحّد أو إدارة موارد مستدامة في المناطق التي تدّعي السيطرة عليها ويشير التقرير إلى أن غياب مشروع وطني شامل ومصدر تمويل ثابت يعززان حالة الانقسام ويضعفان فرص التوافق السياسي

يحذر التقرير من أن البيئة الدولية لم تعد تمتلك أدوات ضغط فعالة لفرض حلول سياسية مستدامة على الأطراف اليمنية وهو ما يمنح الميليشيا فسحة زمنية لتوسيع نفوذها وبناء قدرات إضافية كما يربط التقرير بين أي تصعيد إقليمي ومدى توظيفه محليا كحجة لزيادة التحركات العسكرية وهو ما حدث بعد الحرب في غزة حيث استُخدمت أطر دعم القضية لتبرير عمليات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب

يخصص التقرير فصلا للمخاطر الاقتصادية الإقليمية والعالمية الناتجة عن الهجمات على السفن التجارية ويظهر تأثير هذه الهجمات في ارتفاع تكاليف الشحن وإعادة توجيه مسارات الملاحة بعيدا عن البحر الأحمر وهو ما ينتج عنه تكاليف إضافية على الاقتصاد العالمي ويزيد الضغوط على اقتصادات دول تستورد وتصدر عبر هذه الممرات كما يؤثر هذا التوتر على مقدرات اليمن الاقتصادية التي ترتكز بشكل كبير على موانئه وخطوط الإمداد البحرية

في توصياته يدعو التقرير إلى تعزيز جهود المراقبة البحرية الدولية وتكثيف التعاون بين الدول لاعتراض شبكات التهريب ومنع تدفق الأسلحة إلى الأطراف المسلحة كما يؤكد على ضرورة وجود آليات مالية دولية لدعم مؤسسات الدولة الشرعية وتمكينها من استعادة السيطرة على الموارد العامة وتوحيد السياسات النقدية والضريبية لتعزيز استقرار العملة وتقليل الضغوط على المواطنين ويشدد التقرير أيضا على أهمية إعادة فتح قنوات المساعدة الإنسانية دون عراقيل لحماية المدنيين وتوفير احتياجات الفئات الأشد عرضة للخطر

ختاما يقدم التقرير نداء إلى المجتمع الدولي لصياغة استراتيجية متكاملة تجمع بين الضغوط الدبلوماسية والعقوبات المستهدفة وآليات المراقبة المالية والبحرية بالإضافة إلى برامج دعم إنساني وتنمية اقتصادية محلية بهدف خلق مساحة سياسية للتسوية ولتفادي مزيد من التدهور الإنساني ويؤكد أن غياب مسار سياسي واضح قد يقود إلى ترسخ واقع سلطة الأمر الواقع وانهيار المزيد من مؤسسات الدولة مما يتطلب تحركا دوليا حاسما لحماية المدنيين واستعادة مؤسسات الدولة وتعزيز فرص السلام الشامل على أساس سياسي تفاوضي شامل يؤمن إعادة بناء الدولة وتلبية احتياجات المواطنين.

فيديو