تفاهمات استراتيجية تعيد رسم المشهد الأمني في حضرموت والجنوب

تقارير - 1 day ago

خاص | عين الجنوب:
في خطوة وُصفت بالمفصلية على طريق تثبيت الاستقرار وإعادة تنظيم المنظومة الأمنية، أُعلن عن التوصل إلى تفاهمات شاملة بين التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي، عقب جولة مشاورات مكثفة احتضنها قصر معاشيق في العاصمة عدن، برئاسة الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي.

وجاءت هذه التفاهمات تتويجًا لمسار تنسيقي سعودي–إماراتي يهدف إلى إعادة ترتيب المهام الأمنية والعسكرية في المحافظات الجنوبية، وعلى رأسها حضرموت، عبر مقاربة عملية تُنهي سنوات من التداخل وتعدد مراكز القرار، وتؤسس لمرحلة أكثر انضباطًا وفاعلية.

خارطة مهام واضحة وتكامل ميداني

وبحسب ما رشح من تفاصيل، فقد ركّزت المباحثات على توزيع الأدوار بصورة تضمن حماية المنشآت السيادية وتأمين الطرق والمنافذ الحيوية، ضمن رؤية موحدة لتعزيز الأمن والاستقرار. وتم الاتفاق على إسناد حماية المنافذ البرية والطرق الطويلة والخطوط السريعة إلى قوات «درع الوطن»، بوصفها الجهة المكلفة بتأمين خطوط الإمداد والحركة بين المحافظات.

في المقابل، أُنيطت مهام تأمين المطارات والنقاط الأمنية داخل المدن، وحماية الإدارات الحكومية والمنشآت النفطية، بقوات النخبة الحضرمية وقوات الدعم الأمني، بما يكفل استمرار العمل في المرافق الحيوية ويحصّنها من أي تهديدات محتملة.

أما المعسكرات وتأمين الحدود والخطوط الدفاعية، فقد جرى التوافق على أن تتولاها القوات المسلحة الجنوبية، باعتبارها الجهة المختصة بحماية السيادة الميدانية في المحافظات الجنوبية، وبما يعزز من جاهزيتها وقدرتها على الردع.

غرفة عمليات موحّدة وقرار مركزي

وفي تطور لافت، نصّت التفاهمات على ربط جميع هذه التشكيلات بغرفة عمليات واحدة، تُدار من قيادتي المنطقتين العسكريتين الأولى والثانية، على أن تكون مرتبطة مباشرة بالعاصمتين عدن والمكلا. ويُنتظر أن يُسهم هذا الربط في تسريع الاستجابة وتوحيد القرار الميداني، وإنهاء الازدواجية التي أثّرت سلبًا على الأداء خلال السنوات الماضية.

دلالات سياسية وأمنية

تأتي هذه الخطوة في سياق مساعٍ يقودها التحالف العربي لإعادة ترتيب المشهد الأمني والعسكري في الجنوب، بما يواكب التحولات السياسية الجارية. ويرى مراقبون أن التفاهمات الجديدة تعكس تثبيتًا عمليًا للشراكة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي بات رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية والعسكرية، خاصة بعد حضوره الفاعل في مشاورات الرياض وانخراطه في المسارات الإقليمية والدولية المتعلقة بمستقبل اليمن.

وبينما تتجه الأنظار إلى آليات التنفيذ على الأرض، يَعتبر متابعون أن وضوح توزيع المهام وربطها بغرفة قيادة موحدة يمثّل حجر الزاوية لإنهاء حالة التشتت، ويفتح الباب أمام مرحلة أكثر استقرارًا في حضرموت والجنوب عمومًا، تُستعاد فيها الثقة وتُحمى المصالح الحيوية، ويُرسَّخ فيها الأمن كمدخل أساسي لتحسين الخدمات والحياة العامة.