التالى السابق

تحليل | صراع البنك المركزي بعدن والسوق السوداء على العملة الأجنبية

اقتصاد - منذ 7 أيام

عدن | عين الجنوب

في مدينة عدن، اتخذ البنك المركزي اليمني قرارًا جريئًا ومفاجئًا: وقف عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية عبر شركات الصرافة والشبكة الموحدة للأموال. كان الهدف واضحًا: احتواء الانهيار النقدي الذي يهدد البلاد. لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فبدلًا من أن يشهد السوق تحسنًا ملحوظًا، بقي الوضع على ما هو عليه، إن لم يكن أسوأ.

لم يكن قرار البنك المركزي كافيًا لترويض السوق الجامحة. فبمجرد أن أُغلقت الأبواب الرسمية للصرافة، فتحت السوق السوداء أبوابها على مصراعيها. تحولت البقالات والمتاجر إلى صرافين غير رسميين، يتاجرون بالعملات الأجنبية في الخفاء، ويستغلون حاجة الناس.

يعزى هذا الوضع إلى غياب آليات رقابية فعالة. فالسلطات الرسمية، التي تعاني من التشتت والانقسام، لم تستطع فرض سيطرتها على السوق، ولا على المتلاعبين بالعملة.

لم تتوقف المشكلة عند السوق السوداء. فقرارات البنك المركزي، التي تفتقر إلى دعم سياسات اقتصادية متوازية، بدت وكأنها تسبح ضد التيار. فبدلًا من أن تصاحبها إجراءات لضبط الواردات، أو تعزيز الإنتاج المحلي، بقيت وحيدة في مواجهة التحديات.

لكن، هل يعني هذا أن الوضع ميؤوس منه؟ بالطبع لا. فالحل يكمن في تبني استراتيجية شاملة ومتكاملة، تتجاوز الإجراءات الجزئية.

يجب على البنك المركزي أن يعمل بتنسيق وثيق مع وزارات التجارة والداخلية والجهات الرقابية، لمراقبة جميع القنوات النقدية، الرسمية وغير الرسمية. يجب تفعيل عقوبات رادعة ضد المخالفين، لضمان التزام الجميع بالقواعد.

يجب أن يصاحب قرارات البنك المركزي إصلاحات هيكلية، مثل تحفيز التحويلات المصرفية الرسمية، وتشجيع استخدام العملة المحلية في المعاملات الداخلية. يجب تطوير منصات رقمية آمنة لتسهيل تبادل العملات، وتقليل الاعتماد على السوق السوداء.

لا يقل أهمية عن كل ما سبق، رفع الوعي الاقتصادي لدى الجمهور. يجب توعيتهم بمخاطر المضاربة غير المنضبطة، من خلال حملات إعلامية مدروسة، بالتعاون مع المؤسسات الدينية والمجتمعية.

إن استقرار سعر الصرف ليس مجرد قرار يتخذه البنك المركزي، بل هو نتيجة لجهود مشتركة، وتعاون بين جميع الأطراف المعنية. يجب أن تتضافر جهود المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود.

المقال مأخوذ من مقال لـــ د.شلال عفيق