مقارنة متداخلة بين الموقف الروسي والتحالف العربي
دراسات وتحليلات - منذ 20 يوم
عين الجنوب | تقرير - خاص
هناك اشكالية تبرز بين مفهومي الحق الدفاعي والتدخل السيادي، حيث تشكل الحالتان نموذجين متقاطعين رغم اختلاف السياقات. يقدم الرئيس بوتين روايته بأن العملية العسكرية الخاصة تهدف لـ اقتلاع جذور الأزمة وضمان الأمن القومي الروسي، بينما تبرز الرياض عاصفة الحزم كضرورة أمنية لمواجهة انقلاب الحوثيين على الدولة اليمنية. هذه الثنائية تفتح ملفاً معقداً يستدعي الغوص في طبقاته الجيوسياسية
في اوكرانيا تقوم الرواية الروسية على سردية تاريخية تمتد من توسع الناتو شرقاً إلى ما تصفه بـ التهديد الوجودي المتمثل في حكومة زيلنسكي التي تعتبرها روسيا نازية جديدة. هذه الحجة تستند إلى مخاوف أمنية عميقة الجذور تعود إلى الحرب الباردة، حيث ترى موسكو أن سيطرة الغرب على أوكرانيا البوابة الجغرافية نحو روسيا يمثل خطاً أحمراً أمنياً. في المقابل، تنطلق المملكة العربية السعودية الشقيقة من مفهوم علاقات مشتركة والحدود الدفاعية المباشرة، حيث يشكل صعود ميلشيا الحوثيين المدعومين إيرانياً وفق الرؤية السعودية والجنوبية واليمنية تهديداً استراتيجياً للأمن القومي، خاصة مع تحول شمال اليمن إلى منصة لإطلاق الصواريخ الباليستية نحو الأراضي السعودية والجنوبية والملاحة الدولية.
لكن مع مفارقة حادة بين الحالة الروسية والخليجية، تتمثل في أن أوكرانيا دولة ذات سيادة معترف بها دولياً، حيث يرى القانون الدولي أن التدخل الروسي يمثل انتهاك لمبدأ حرمة الحدود. كما أصدرت قرارات بوقف العمليات العسكرية الروسية، بعكس المشهد في اليمن حيث هناك انقلاب ميليشاوي طائفي على الحكومة اليمنية وبطلب من رئيسها تم التدخل لإنهاء التهديد الطائفي للحوثيين ذراع ايران على الدولة اليمنية ودول الجوار والمجتمع اليمني على حد سواء
اذن فبينما تستخدم موسكو مصطلح النازية الجديدة لوصف النظام الأوكراني، وهي تسمية تثير جدلاً واسعاً في الأوساط الدولية، بين مؤيد ومعارض خاصة مع وجود جماعات يمينية متطرفة، بالرغم ان الشعب الأوكراني موقفه في الغالب واحد تجاه العملية الروسية الخاصة بإستثناء جمهوريتي لوغانستيك ودونيستيك اللتين اعترفت بهما روسيا سابقاً كجمهوريتين مستقلتين عن اوكرانيا في استفتاء شعبي تم إجراؤه من قبل روسيا. بينما الحوثيون مرفوضين شعبياً جنوباً وشمالاً لولا ركوبهم الاخير على حرب غزة للحصول على شرعية لحكمهم شمال اليمن، حيث يصنف الحوثيون بحسب تقارير الأمم المتحدة كميلشيا مسلحة انقلابية تنتهك القانون الدولي الإنساني بشكل منهجي، مع وجود أدلة على تورطها في هجمات ارهابية وتسييس الهوية الزيدية لتتوافق مع تلك التي في ايران، اليس هنا المنطق قانونياً، وشعبياً، وعلى المستوى الاقليمي ومؤسساته مثل الجامعة العربية والمستوى الدولي ممثلة بالامم المتحدة أن يفرض استكمال اهداف عاصفة الحزم وإنهاء الارهاب الحوثي الذي يمثل ذراع ايران في المنطقة، في الحقيقة ما يحصل ميدانياً هو العكس، حيث من يعتبرون شركاء التحالف العربي والجنوب لتحرير الشمال اضحوا يتخادمون مع من يفترض إنهاء سيطرته، هنا تتضح حقيقة تثبت أن القوة العسكرية، ولعبة المصالح تأتي قبل القوانين، نعم القوة والمصالح فوق القانون.