الشفافية والمساءلة: بوابة الاستقرار والنمو – تجربة المملكة العربية السعودية نموذجاً صاعداً

تقارير - منذ 6 ساعات

عين الجنوب | تقرير - خاص

لم تعد مفاهيم النزاهة والشفافية مجرد شعارات أخلاقية أو برامج جانبية في العمل الحكومي، بل أصبحت اليوم معياراً أساسياً لنهضة الدول واستقرارها، تماماً كما هي في الإمارات السويد وسويسرا والنرويج وغيرها من الدول التي اختارت الانضباط المؤسسي طريقاً إلى الازدهار. هذه الدول لم تصل إلى ما هي عليه من رفاهية وفعالية ومكانة دولية من فراغ، بل دفعت ثمناً لذلك عبر عقود من بناء أنظمة حوكمة صارمة، لا تتسامح مع الفساد، وتؤمن بأن لا استقرار دون مساءلة، ولا نهضة دون عدالة، ولا استقرار دون قانون.

ما نشهده اليوم في المملكة العربية السعودية يمضي في ذات الاتجاه. فخلال السنوات الأخيرة، وبتوجيه مباشر من القيادة الشابة التي يمثلها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بدأت المملكة تسلك مساراً حاسماً في إصلاح البنية الإدارية ومكافحة الفساد، ليس كردة فعل مؤقتة، بل كمبدأ دائم يعاد تشكيل الدولة على أساسه. هذا التوجه لم يعد فقط سياسياً أو مؤسساتياً، بل أصبح ثقافياً يتغلغل في الوعي العام، ويعزز ثقة المواطن في دولته، ولعل التقارير الدولية التي تشير الى النموذج السعودي الصاعد، ومسوحات ثقة المواطن بالحكومة تبدي مؤشرات ايجابية مبشرة تعكس المدى المتقدم الذي وصلت اليه المملكة تحت قيادة سمو ولي العهد محمد بن سلمان.

الهيئة الوطنية للرقابة ومكافحة الفساد تمثل اليوم ذراعاً حازماً يترجم هذا الالتزام إلى واقع ملموس. فخلال الأشهر الماضية، جرى فتح وتحقيق المئات من القضايا الجنائية المتعلقة بالرشوة والتزوير واستغلال النفوذ، في مختلف القطاعات الحكومية، من الدفاع إلى الصحة، ومن التعليم إلى البلديات. المئات من المتهمين تم التحقيق معهم، وعدد كبير من الأموال العامة أُعيد إلى خزينة الدولة. هذه ليست مجرد أرقام، بل رسائل مباشرة إلى الداخل والخارج أن الدولة السعودية بقيادتها الشابة والطموحه لا تتسامح مع الفساد، ولا تجامل في حق المجتمع.

النظام الذي أُقر حديثاً لهيئة مكافحة الفساد عزز صلاحياتها ومنحها استقلالاً مالياً وإدارياً، لتصبح سلطة رقابية حقيقية قادرة على محاسبة الجميع بلا استثناء. ولأول مرة، يرافق ذلك إطار قانوني ذكي يسمح بالتسوية المالية بشروط صارمة، مع ضمان استعادة الأموال العامة، وهو ما يشكل نقلة نوعية من منطق العقاب إلى منطق الإصلاح والاسترداد.

إن ما يجعل هذه التجربة السعودية ذات قيمة استثنائية هو تزامنها مع طموحات اقتصادية كبرى في إطار رؤية 2030، حيث لم تعد مكافحة الفساد مجرد ملف داخلي، بل شرط حاسم لجذب الاستثمار، وتحقيق كفاءة الإنفاق، وخلق بيئة أعمال نزيهة قابلة للاستدامة.

حين نقارن هذه التجربة الصاعدة بدول كالإمارات او النرويج او السويد أو سويسرا، ندرك أن العامل المشترك بينها جميعاً لم يكن الوفرة المالية، بل الحوكمة الرشيدة. كل دولة من هذه الدول بنت استقرارها ورفاهيتها على منظومة قانون صارم، ومؤسسات رقابية فعالة، وثقافة مجتمعية ترفض الفساد، وتؤمن بأن قيادة الدولة مسؤولية وليست امتيازاً. الإمارات، على سبيل المثال، لم تكن في بداياتها أغنى من جيرانها، لكنها اختارت مبكراً أن تسلك طريق النزاهة والتخطيط والإدارة الكفؤة، فتحولت إلى بيئة اقتصادية عالمية جاذبة، الان اصبحت هذه الدول وجهه العالم نحو حياة افضل.

إن ما يجري في المملكة اليوم يستحق أن يُدرس، باعتباره مشروع طويل الأمد يُعاد فيه تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، وتُبنى فيه الثقة على أسس موضوعية. ليست الغاية فقط معاقبة الفاسدين، بل بناء ثقافة عامة تجعل الفساد مستحيلاً، وتجعل الشفافية والرقابة والمساءلة جزءاً من نمط الحياة اليومية، تماماً كما في الدول التي نجحت وارتقت بمواطنيها وشعوبها.

المجتمعات لا تنهض بالشعارات، بل بالأنظمة. والاستقرار لا يتحقق بالتمني، بل بالإجراءات. والمملكة اليوم لا ترفع فقط راية الشفافية، بل تمارسها بشكل عملي وحازم، وهو ما يجعلها تمضي بخطى ثابتة لترسيخ مكانتها العالمية ضمن الدول الأكثر استقراراً وكفاءه، وثقة وجاذبية في العالم.

فيديو