الحل السياسي في اليمن، بين الحاجة والاستقرار

دراسات وتحليلات - منذ 3 ساعات

عين الجنوب | تحليل - خاص


في تصريحات للمبعوث الأممي الآخيرة تطرق الى الحاجة الى الحل السياسي لإنهاء الأزمة، التصريح حمل جوانب إنسانية، بجانب إبراز للدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة في صناعة السلام والاستعداد لبذل الجهود في تحقيقه 

من المثير للاهتمام هو تطرق المبعوث للقضية الجنوبية حيث قال: "أنا أدرك أهمية دعوات الجنوبيين للاستقلال أو تقرير المصير. هذه المطالب تعكس مظالم متجذّرة ورغبة في تمثيل سياسي أوسع. أُدرك أن معالجة هذه التطلعات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمسار السياسي العام في اليمن وبترتيبات الحكم المستقبلية. كما أنني أعي أن القضية الجنوبية لا يمكن تناولها بمعزل عن بقية القضايا. إنها مسألة محورية ينبغي التعامل معها من خلال عملية سياسية."

لكن ما لم يؤخذ في الحسبان هو أن التعبيرات الرمزية وعدم استقراء للسياق الكلي للأزمة تُبقى التصريح تحت ظل المراوحة بين الإسترضاء والدفع.

عند مراجعة شاملة لجذور الصراع في اليمن يمكن القول أن هناك تاريخ طويل لعدم الاستقرار في ما يسمى اليمن الآن، الأطراف اليمنية بشكل عام تُعيد إنتاج الصراع في عادة درجت عليها للسيطرة والهيمنة.

المظالم التي مارستها النخب اليمنية بعد غزو 94، بالإضافة الى السياق التاريخي للجنوب ككيان مستقل تعبر عن الحاجة لنهج جديد في صناعة السلام، لا الترقيع المرحلي.

المقارنة بين النهج الذي اتبعته النخب اليمنية وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام، الذي خرج شعب الجنوب في حراك شعبي رافضاً للهيمنة الشمالية ومطالباً بإستعادة دولته، على الرغم أن المؤتمر ليس بالسوء الذي عليه الآن جماعة الحوثيين والإخوان.

عدم تفهم طبيعة الأزمة هو بحد ذاته قصر نظر أو يراد بها، المحاولات لإستعراض الجانب الإنساني في أهمية الحل السياسي وإغفال الإنتهاكات الإنسانية التي ترتكبها الجماعتين في شمال اليمن أمر يعبر عن تناقض بين الخطاب والممارسة.

علاوة على ذلك الذي اشعل فتيل الصراع هو إنقلاب الحوثيين في 2014 وإجتياحهم صنعاء، الذي غزا بقية المناطق هم الحوثيين، الذي ينتهج نهج تخريبي وإرهابي ينم عن ممارسات عصابات قطاع الطرق هم الحوثيين، الذي يمارس ترويع المدنيين لتثبيت سطوة حكمه هم الحوثيين.

لا يكفي أن تمتلك أي معتقد للحكم، بل يكفي أن تقيم السلوكيات، الحوثيين ليسوا إلا جماعة سلطوية فرضت نفسها نتيجة للإستغباء الذي مارسته في 2014 عبر الشعارات التي رفعتها والتي تناقضت مع ما يحدث الان في مناطق سيطرتهم.

في المقابل إذا تطرقنا الى الجنوب، الجنوب لم يغزو الشمال في 94 ولا في 2015، بل يدافع عن أرضه وشعبه، وعلى الرغم من المتطلبات المرحلية التي استوجبت مشاركة الجنوب في السلطة مع بعض القوى الشمالية، الا أنها من جانب إنساني للوقوف مع الشعب في الشمال الذي يعاني من الإنتهاكات اليومية للحوثيين.

السلام وصناعته هو هدف نبيل لكن إن لم يترافق مع مبادىء العدالة والحياد لا يسمى سلاماً بل ترقيع مؤقت للأزمة التي عانت منها المنطقة عبر التاريخ.


في سياق التجاذبات الأوسع والذي أشار له المبعوث في تصريحه، تأتي في سياق ربط التأثيرات الخارجية على الصراع، ومع ذلك حتى ولو لم يكن هناك أي تجاذب، الجنوب بقاعدته الشعبية ليس في حالة تقبل لأي هيمنه شمالية، الصمود الجنوبي يجب أن يقرأ في سياقه، شعب يريد دولته المستقلة إستناداً الى الحق القانوني والتاريخي لفترة ماقبل 90.


إضافة الى ذلك التوازانات التي حدثت بين الجنوب والشمال سواء على مستوى النجاحات الجنوبية الامنية في الجنوب والدعم الشعبي، بجانب ثبات حكم الحوثيين برغم الرفض الشعبي تمثل إنقساماً حقيقياً وليس ناتج عن تأثير خارجي بدرجة رئيسية، بل مثلت حالة من التكتل الشعبي (للشعبين) لكل منهما رؤيته وطريقته في تحقيق مصالحه, بغض النظر عن أن الحوثيين يمثلون جماعة وليس شعباً، بعكس الجنوب.

التوزانات لن تجد مدخلاً لها إن لم تجد بيئة تدعم الاستقرار الداخلي، على سبيل المثال الجنوب ونضاله لإستعادة دولته وتحالفه مع حلفاء فاعلين، الشمال والحوثيين وتاريخ الإمامة، وفي المنتصف (المناطق الوسطى الخاضعة للإخوان وإستراتيجيتهم في اللعب على النقائض، الأمر الذي يفسر الرفض الجنوبي وحالة عدم اليقين للحوثيين، كما انه يفسر أيضاً الانتهاكات التي تطال سكان هذه المناطق من قبل جماعة الحوثيين او ما تسميهم الأمم المتحدة (أنصار الله).

السلام ليس مستحيلاً، ولتحقيقه لا بد من استقراء الواقع كما هو، بعد عشر سنوات تتمثل حقيقة أن كان هناك دور للأمم المتحدة في صناعة السلام، فهو اعادة النظر في إستراتيجية الدفع الصفري لحل متناقض في شكله قبل أن يكون على الواقع.

فيديو