7 يوليو، يوم الاحتلال اليمني للجنوب

الجنوب - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

في السابع من يوليو من كل عام، لا تتجدد ذكرى مشؤومة فقط، بل يشتعل لهيب النضال والعزيمة في قلوب أبناء الجنوب، مستحضرين ذلك اليوم المشؤوم من عام 1994، حين اجتاح الاحتلال اليمني أرض دولة الجنوب في محاولة بائسة لفرض ما أسموها "وحدة" بقوة السلاح، وهي لم تكن سوى غزواً سافراً هدفه السيطرة والاستحواذ والطمس. كان الهدف، طمس الهوية، وتسريح ابناءه ونهب مقدراته وتدمير مؤسساته.

ذلك الغزو لم يقتصر على الاجتياح العسكري، بل مثّل مشروعاً متكاملاً للهيمنة، بدأ بتفكيك جيش الجنوب وتسريح الآلاف من ضباطه وكوادره، تلاه تهميش ممنهج لمؤسسات الدولة وخصصه المصانع وتهميش الكفاءات الجنوبية واحتكار القرار السياسي والاقتصادي والثقافي بيد شركاء الغزو والاحتلال اليمني المؤتمر والاصلاح. جرى نهب المصانع، وتغيير المناهج التعليمية، والاستيلاء على المؤسسات، بل حتى المساكن لم تسلم من سطو منظّم عبث بكل ما هو جنوبي. كان ذلك فعلاً احتلالياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تعرّض له وطن عريق، بتاريخ عميق وهوية متجذرة، ولم يكن الأمر خلافاً سياسياً أو شأناً داخلياً كما حاول البعض تصويره لاحقاً.

ومع ذلك، لم يستسلم شعب الجنوب، ولم تنكسر إرادته. فبعد سنوات قليلة من ذلك الغزو الغاشم، تأسست حركة موج وحتم ثم بدأت أصوات أبناء شعب الجنوب تعلو، معلنة رفضها للاحتلال اليمني ومطالبة بحق استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، فانطلق الحراك الجنوبي السلمي من الساحات والميادين، مجسداً إرادة شعب حيّ لا يقبل الضيم. تحوّل هذا الحراك إلى حركة شعبية عارمة، راكمت زخماً وطنياً متصاعداً، وأسست لمرحلة جديدة من الوعي الجنوبي، عبّرت عن نفسها سياسياً وشعبياً واجتماعياً، في مواجهة منظومة الفساد والنهب والهيمنة والاحتلال اليمني

المجتمع الدولي من جانبه، ورغم تردده، لم يعترف بنتائج الحرب التي فُرضت بالقوة عام 1994، وأكدت تقارير وبيانات صادرة عن الأمم المتحدة ودول إقليمية أن "الوحدة بالقوة" لا يمكن أن تشكّل شرعية. دول الخليج العربي، في حينه، أدانت الغزو، ووقفت مع شعب الجنوب

ومع تصاعد النضال الجنوبي، جاءت أحداث 2015 لتكشف من جديد طبيعة المشروع المعادي للجنوب، حين حاولت مليشيات الحوثي، بدعم من أذرع نظام الاحتلال اليمني، اجتياح الجنوب من جديد، في محاولة لتكرار سيناريو الماضي المشؤوم، لكن الرد هذه المرة كان حاسماً. أبناء الجنوب وقفوا بصمود أسطوري، وأثبتوا للعالم أن الجنوب ليس مجرد جغرافيا، بل وطن وشعب مقاوم، لا يقبل الإخضاع ولا الانكسار. كما لعب الاشقاء في التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، دوراً محورياً رئيسياً أساسياً تاريخياً في دعم الجنوب للتصدي لهذا الغزو الثاني، حيث توحدت البنادق والدماء في معركة التحرير، وتم دحر المليشيات الحوثية من كافة محافظات الجنوب.

ومن رحم هذه التضحيات الجليلة، وُلد المجلس الانتقالي الجنوبي، ككيان سياسي يعبر عن إرادة شعب الجنوب، ويرفع راية مشروعه الوطني، في استعادة دولته على حدود ما قبل عام 1990. تأسيس المجلس هو تتويج لنضال جنوبي استمر لعقود، واستجابة موضوعية لواقع سياسي واجتماعي شعبي بات لا يحتمل التأجيل، حيث وُضع الجنوب اليوم على خارطة الفعل السياسي الإقليمي والدولي، كطرف أساسي يملك الأرض والقرار والمشروعية النضالية والتاريخية.

ويُقدّر تقرير دولي أن قيمة ما تم نهبه من عتاد ومؤسسات الدولة الجنوبية في حقبة ما بعد غزو 1994 يزيد عن 13 مليار دولار، وهي ليست مجرد أرقام، بل تمثل حجم الكارثة التي واجهها شعب الجنوب، وحجم الدولة التي تم تدميرها عمداً. لكن الجنوب، وبفضل إرادة أبنائه وصموده امام الاحتلال اليمني، استطاع أن يعيد بناء نفسه خطوة بخطوة، بالتكامل مع الحلفاء الإقليمين مؤسساً لمؤسسات عسكرية وأمنية حديثة باتت اليوم تمثل درعاً حصيناً للدفاع عن أرض الجنوب والإنسان الجنوبي، تحت قيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي.

السابع من يوليو بات رمزاً للانبعاث والنضال والارادة الجنوبية الشعبية، وتاريخاً يستدعي العبرة، ويُجدّد العهد بالمضي قدماً نحو فجر جديد لدولة جنوبية حرة، ترتكز على العدالة والبناء والتقدم. شعب الجنوب اختار طريقه، وقرر خياره، ويجدد دعوته إلى الإقليم والعالم لاحترام إرادته، ودعم مساره القانوني والتاريخي، الذي يسعى لاستعادة دولته المستقلة المعترف بها، على حدود ما قبل 1990.

فيديو