عدالة القضية وذكاء التموضع الإقليمي والدولي — زيارة موسكو نموذجًا

تقارير - منذ 3 ساعات

عين الجنوب|| خاص:
في الوقت الذي تمر فيه القضية الوطنية الجنوبية بمنعطف حساس، تظهر زيارة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي إلى موسكو كخطوة استراتيجية ضمن رؤية أوسع لإعادة التموضع السياسي، والانفتاح على مراكز القرار الدولي المؤثرة، وتحديدًا القوى التي ما زالت تحتفظ بمقاربات متوازنة تجاه الملف اليمني ككل، والحق الجنوبي بشكل خاص.

أولًا: عدالة القضية الجنوبية وتحديات الواقع 
القضية الجنوبية اليوم ليست قضية طارئة أو عارضة، بل قضية ممتدة الجذور، مدعومة بإرادة شعبية وتراكم نضالي طويل، وصلت إلى مرحلة النضج السياسي والتنظيمي. لكن، ورغم ما تحقق على الأرض، يواجه الجنوب تحديات متعددة، أبرزها:

- محاولات تذويب قضيته في (شرعية مشردة) لا تمثل الجنوبيين ولا تعبر عن تطلعاتهم.  
- سياسات الإقصاء والتهميش داخل المؤسسات.  
- اختزال الحضور الجنوبي في مواقع شكلية بلا قرار فعلي.  
- الضغوط الإقليمية والدولية لتأجيل القضية مقابل "أولوية تحرير صنعاء".

ثانيًا: موسكو.. إعادة فتح بوابة التوازن الدولي

زيارة الرئيس الزبيدي إلى موسكو ليست مجرد لقاء دبلوماسي، بل تعبير عن استراتيجية متقدمة في توسيع دائرة الحلفاء. روسيا التي ورثت علاقات تاريخية قوية مع الجنوب، لا تزال تحتفظ بأبواب مفتوحة مع كل أطراف الصراع، ما يجعلها بيئة خصبة لطرح الرؤية الجنوبية بشكل مباشر وواضح.

في موسكو، يتم استدعاء التاريخ، وبناء الجسور على أساس المصالح المستقبلية:

- استئناف العلاقات الثنائية المباشرة.  
- فتح قنوات استثمارية في الطاقة والبنية التحتية.  
- دعم سياسي غير مشروط يعترف بواقع الجنوب كشريك على الأرض.  
- دور روسي محتمل في صياغة تسوية سياسية عادلة وشاملة.

ثالثًا: أهمية التموضع الذكي وتعدد الخيارات 
لم تعد الرباعية الدولية وحدها هي اللاعب الحصري في الملف اليمني، إذ باتت مواقف بعض أركانها مرتبكة أو متقلبة تجاه الجنوب، الأمر الذي يحتّم على القيادة الجنوبية بناء سياسة توازنات منفتحة، لا تقطع مع أحد، لكنها لا تراهن على طرف واحد فقط.

الجنوب اليوم يصيغ سياسة: نحن من نختار شركاءنا، وليس العكس.

رابعًا: قراءة اللحظة السياسية

زيارة موسكو تأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث:

- يُطبخ في الكواليس اتفاقات بين الشرعية والحوثي برعاية دولية.  
- تتراجع الأولويات تجاه الجنوب في بعض العواصم.  
- يتم التحضير لخارطة طريق قد تتجاهل القضية الجنوبية أو تؤجلها.  

في ظل ذلك، كان لا بد من تحرك ذكي وشجاع لكسر العزلة وكسب موقف دولي فاعل ومتزن، وهو ما تمثله الزيارة الروسية.
 
القضية الجنوبية اليوم ليست ضحية الظروف، بل لاعب ذكي داخلها. والانتقالي بقيادة الرئيس القائد الزُبيدي لا يراهن فقط على ماضي النضال، بل يبني مشروعًا واقعيًا، يصنع السياسة كما صنع الانتصارات.  

زيارة موسكو قد لا تكون نهاية المسار، لكنها بلا شك بداية مرحلة جديدة متجددة في التنوع السياسي والدبلوماسي

فيديو