تحركات الحوثيين تورط طهران.. مشروع النفوذ الإيراني في اليمن يواجه اختبار البقاء

تقارير - منذ يومان

عين الجنوب|| متابعات:
بدأ الحوثيون مؤخراً تحوّلاً تدريجياً من مواقعهم المركزية في الشمال - وتحديداً من العاصمة صنعاء - نحو مناطق الجنوب، في خطوة تحمل أبعاداً ميدانية عاجلة واستراتيجية عميقة.

هذا الانتقال الذي يأتي تحت وطأة ضربات عسكرية متزايدة وتآكل تدريجي في الهيمنة المركزية، حيث يكشف هذا التحول عن إعادة ترتيب شاملة في خريطة النفوذ الإيراني داخل اليمن، بعد أن فشلت طهران في الحفاظ على استقرار ذراعها الحوثية في الشمال.

التراجع الميداني، والانهيار في منظومة القيادة والسيطرة، يعكسان وضعاً متدهوراً داخل الجماعة التي فقدت توازنها العسكري والسياسي معاً. الانتقال نحو الجنوب هو دليل على العجز عن الصمود في مناطقها الأصلية، ويُمثّل هروباً استراتيجياً يعبّر عن أزمة داخلية عميقة، وانكشاف بنية النفوذ الإيراني التي باتت عاجزة عن حماية وكلائها أو تبرير وجودهم. الحوثيون اليوم يتحركون بلا قدرة على المبادرة، يلهثون خلف الجغرافيا لتغطية فراغهم السياسي، فيما يفقد المشروع الإيراني في اليمن ركائزه واحدة تلو الأخرى.


انعكاسات ضعف الحوثيين 
مصدر دبلوماسي أمريكي أفاد لـ"إرم نيوز" بأن واشنطن تتابع باهتمام شديد التحركات الحوثية الأخيرة، وتعتبرها مؤشراً على ضعف داخلي أكثر منها على تمدد فعلي. وأوضح المصدر وهو مسؤول في مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، أن التقارير الاستخباراتية المتاحة تشير إلى أن الجماعة فقدت كثيراً من قدراتها على التنسيق والتمويل، وأن انتقالها جنوباً يأتي ضمن خطة طوارئ إيرانية تهدف إلى إبقاء النفوذ قائماً ولو بشكل رمزي بعد خسارة معظم مواقعها الحيوية في الشمال.

وأضاف المصدر أن الولايات المتحدة ترى في هذا التحول محاولة من طهران لإعادة تموضع نفوذها في البحر الأحمر وخليج عدن، إلا أن واشنطن تدرك أن هذا المشروع محكوم بالفشل؛ لأن الحوثيين يفتقرون إلى الحاضنة الاجتماعية والسياسية التي تتيح لهم بناء قواعد مستقرة هناك. وأشار إلى أن واشنطن تعمل حالياً على تعزيز التنسيق البحري والاستخباراتي مع شركائها الإقليميين لتضييق الخناق على خطوط الإمداد البحرية التي تحاول إيران عبرها دعم الحوثيين.

وقال إن الإدارة الأمريكية تعتبر أن المواجهة مع الحوثيين ليست عسكرية فقط، وإنما اقتصادية وسياسية أيضاً.

وأوضح أن العقوبات المستهدفة وتقييد مصادر التمويل باتا أكثر فعالية في الحد من قدرة الجماعة على الاستمرار، مؤكداً أن واشنطن تنظر إلى الحوثيين اليوم كجماعة استنزفت رصيدها العسكري، وتعاني من عجز مالي متفاقم، وفقدان للشرعية حتى في المناطق التي تسيطر عليها.

وأضاف أن واشنطن ترى في ضعف الحوثيين فرصة لإعادة إحياء المسار السياسي في اليمن شرط ألا يكون على حساب استقرار الإقليم. ولفت إلى أن الموقف الأمريكي في المرحلة المقبلة سيركز على منع إيران من تحويل الجنوب إلى "واجهة بحرية" لمشروعها الإقليمي، مؤكداً أن أي محاولة من هذا النوع ستُواجَه بإجراءات رادعة تشمل تحركاً عسكرياً محدوداً إذا لزم الأمر.

احتضار سياسي وعسكري 
كذلك أوضح المصدر أن تقييم واشنطن للوضع الميداني يشير إلى أن الحوثيين سيتراجعون تدريجياً تحت ضغط الانقسامات الداخلية والضغط الإقليمي المتزايد، وأن إيران ستواجه صعوبة في تعويض خسائرها هناك. وأكد أن السياسة الأمريكية المقبلة ستقوم على مبدأ "الردع الذكي"، أي الجمع بين الضغط العسكري المحدود والعمل الدبلوماسي المكثف لعزل الجماعة سياسياً، وحرمان طهران من أي مكاسب استراتيجية يمكن أن تحققها من وجودها في اليمن.

وتابع بالقول: "نحن نرى أن الضربات الممنهجة التي تلقاها الحوثيون من البحر والجو أضعفت قدراتهم اللوجستية والقيادية، وستواصل واشنطن تقديم الدعم الاستخباراتي والبحري لشركائنا في المنطقة، من أجل منع الحوثيين من تحويل اليمن إلى منصة بحرية أو جوية يهدّد الملاحة الدولية وخندق الأمن الإقليمي".

كما لفت إلى أن التوقع في واشنطن بأن الحوثيين سيحاولون خلال الفترة المقبلة إطلاق موجة عمليات استعراضية لتثبيت وجودهم الجغرافي، لكن ليس من المتوقع أن يحققوا مزيداً من التمدد الفعلي دون تكاليف باهظة. وأضاف قائلاً بأن "واشنطن تقيم الواقع الحالي هناك بأنه معادلة تجمع الضغط العسكري والاقتصادي والدبلوماسي لإضعاف المشروع الحوثي‑الإيراني، وإعادة تفعيل طرف يمني بديل له شرعية داخلية".

وختم المصدر بالقول إن الوقت لم يعد في صالح الحوثيين ولا في صالح داعميهم، وأن استمرارهم في المغامرة جنوباً سيقود إلى نتائج عكسية تماماً؛ لأن البيئة السياسية والعسكرية لم تعد تسمح بولادة مشروعٍ جديدٍ تحت المظلة الإيرانية في اليمن.

فيديو