الوديعة من منفذ سيادي إلى إقطاعية فردية: معركة استعادة الموارد تبدأ من حضرموت

السياسة - منذ 15 ساعة

حضرموت،عين الجنوب | خاص

يعد منفذ الوديعة المنفذ البري الوحيد الرابط بين حضرموت والمملكة العربية السعودية بعد إغلاق المنافذ الأخرى، ويكتسب أهمية استراتيجية كبرى لكونه الشريان الرئيسي لحركة المسافرين والبضائع بين البلدين يقع المنفذ في محافظة حضرموت قرب مدينة نجران السعودية، ويبعد عنها نحو 360 كيلومترًا، ويتموضع في الجنوب الغربي من صحراء الربع الخالي.

يشهد المنفذ حركة تنقل نشطة للمسافرين والبضائع، غير أن هذه الحركة الكثيفة تسببت في تكدّس للمركبات لساعات طويلة، خاصة مع القيود والرسوم المفروضة من قبل إدارة المنفذ الحالية. ويواجه المسافرون اختناقات خانقة بسبب ضعف الخدمات والنقص الحاد في أماكن الاستراحة، الأمر الذي يضطر العائلات إلى البقاء داخل وسائل النقل لساعات وربما أيام، خصوصًا في مواسم الحج والعُمرة.

ورغم الأهمية الوطنية لمنفذ يعتبر جزءًا من أراضي دولة الجنوب، إلا أنه أصبح ـ بعد الحرب مع مليشيا الحوثي ـ تحت سيطرة قوى شمالية بقيادة هاشم الأحمر، الذي حوّل إدارته إلى مشروع استثماري خاص تعود عائداته لخزينته الشخصية، في سابقة غير معهودة بتاريخ حضرموت. وتشير مصادر إعلامية إلى أن عائدات المنفذ بلغت قرابة 22 مليار ريال يمني خلال النصف الأول من الشهر الجاري فقط.

وتؤكد أصوات سياسية واقتصادية أن الإدارة الفردية للمنفذ تسببت في تعطّل المصالح العامة، وتفاقم معاناة المسافرين، وتكدّس الشاحنات، إضافة إلى فرض جبايات ورسوم غير قانونية. ويصف مراقبون الحالة بأنها اعتداء سافر على سيادة الدولة وحرمان واضح لمحافظة حضرموت من واحدة من أهم مواردها الاقتصادية.

كما يعزي اقتصاديون استمرار سيطرة قوى شمالية على المنفذ إلى خسائر مالية جسيمة للدولة، في وقت يعاني فيه البنك المركزي من شح السيولة وعدم القدرة على دفع المرتبات أو توفير الخدمات الأساسية. فيما يشير محللون إلى أن الأموال الناتجة عن المنفذ تُستثمر خارج البلاد في فنادق ومنتجعات وأبراج سياحية، بينما يعيش المواطنون أوضاعًا معيشية تقترب من حافة المجاعة.

من جهتهم، عبّر صحفيون وإعلاميون ووجهاء حضارم عن استيائهم من بقاء المنفذ خارج نطاق سيطرة الدولة والمحافظة التي يتبع لها إداريًا، داعين إلى تسليمه للنخبة الحضرمية بوصفها الجهة الأمنية والإدارية القادرة على تشغيله بما يخدم المواطن ويعزّز حضور الدولة. ويؤكد هؤلاء أن إدارة حضرموت للمنفذ ستسهم في تحسين الحياة المعيشية، ودفع المرتبات، وتوفير الخدمات، وإغلاق أبواب الفساد.

كما يرى ناشطون جنوبيون أن استمرار سيطرة قوى شمالية على موارد الجنوب يعزز مفهوم "الاحتلال الاقتصادي"، ويقوّض سيادة حضرموت والجنوب عمومًا، مطالبين بإنهاء هذا الوضع بصورة عاجلة. وتؤكد هذه الأصوات أن أبناء حضرموت هم الأقدر والأعرف بإدارة مواردهم بما يحقق المصلحة العامة، لا أن تذهب عائدات المحافظة إلى خارج حدودها.

وتزداد خطورة الوضع مع اتساع رقعة الاستنكار الشعبي، وارتفاع الأصوات التي ترى في استمرار السيطرة الفردية على منفذ يُعد من أهم الموارد السيادية للدولة إضعافًا لسلطة المؤسسات الشرعية، وتكريسًا لواقع غير قانوني يهدد الاقتصاد الوطني برمّته.

في المحصلة، يقف منفذ الوديعة اليوم عند مفترق طرق:
إما العودة إلى مؤسسات الدولة وتحويل عائداته لخدمة المواطنين، أو البقاء تحت إدارة شخصية فاسدة تستنزف موارده بينما تتدهور الخدمات وتتفاقم الأزمات.
rn

فيديو