تقرير استقصائي حول الهجرة اللاشرعية والغير منظمة في الجنوب: الأسباب، العواقب، والحلول

تقارير - منذ 2 شهر


عدن || عين الجنوب ||خاص:

في ظل الصراع الدائر في المنطقة، يعاني الجنوب من تدفق متزايد للمهاجرين واللاجئين من القرن الإفريقي، والنازحين داخلياً من الشمال اليمني مما يفاقم التحديات الإنسانية والاقتصادية. هذا التقرير يسلط الضوء على الأبعاد السياسية والاجتماعية لهذه الظاهرة، ودور القوى الإقليمية والدولية في تغذية هذا التدفق. كما يناقش دور المجلس الانتقالي الجنوبي في التعامل مع هذه الأزمة وتوفير الحلول، مع ربط هذا التدفق بتحديات أكبر تواجه الجنوب.

الأسباب:
اولاً الصراع المستمر وتدهور الوضع الأمني:
يعاني الجنوب، رغم استقراره النسبي مقارنة ببقية المناطق من تداعيات النزاع الدائر ،إذ تدفقت موجات من المهاجرين على مناطق الجنوب بسبب انهيار النظام الأمني والإنساني في الشمال والغرب، إضافة إلى هروب الآلاف من مناطق سيطرة الحوثيين، أو دفعهم الى ذلك لأغراض فوضوية.

المجلس الانتقالي الجنوبي يبذل جهوداً لتأمين مناطقه من هذه التدفقات، لكنه يواجه تحديات كبيرة مع تزايد الأعباء، وسط نقص في الموارد والتنسيق الدولي.

 وفقاً لتقارير محلية، شهد الجنوب ارتفاعاً في عدد النازحين من الشمال، إضافة إلى المهاجرين من القرن الإفريقي واثيوبيا الذين يصلون إلى عدن عبر سواحل ابين، شبوة وحضرموت عبر البحر.

ثانياً :تدفق المهاجرين من القرن الإفريقي:
محافظات الجنوب تعد الوجهة الأساسية للمهاجرين الغير شرعيين من القرن الإفريقي، وخاصة من الصومال وإثيوبيا. هؤلاء المهاجرين قد يكونوا مضطرين للهروب من الفقر والصراعات، خاصة في في سياق الصراع المتجدد والغير محلول في أثيوبيا، مستغلين الفوضى في سياق اليمن للوصول إلى الجنوب. 
وفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، فإن تدفق المهاجرين الأفارقة إلى الجنوب لم يتوقف حتى في ذروة الصراع. يُعتقد أن أطرافاً محلية وإقليمية تمول وتدعم عمليات التهريب المنظمة عبر البحر الأحمر وخليج عدن بهدف زعزعة الاستقرار في الجنوب في سياق الدعم المحلي، او خلق أزمات إنسانية وأمنية في محافظات الجنوب بغرض تحقيق التنوع وتعزيز توطين الأقليات في السياق الدولي، إن لم تكن الأعداد حتماً ستتجاوز ذلك مسببة خلل في التوازن نظراً لمخاطر سوء الإندماج، والضغط المباشر على المجتمع المضيف.

ثالثاً: أدوار خفية في تغذية تدفق المهاجرين:
تتقاطع عدة أطراف إقليمية ودولية في دعم واستغلال تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى الجنوب لأغراض جيوسياسية. تشير بعض التقارير إلى أن جماعة الحوثي قد تسهم بشكل غير مباشر في تسهيل تهريب اللاجئين والمهاجرين نحو الجنوب بهدف إضعاف الوضع الأمني وإحداث فوضى في المحافظات الجنوبية. كما تشير مصادر أخرى إلى وجود شبكات منظمة تدفع بعجلة الهجرة الغير شرعية تتمثل في كيان غير حكومي يعمل من أجل مصالح دولة او دول إقليمية، عبر استغلالها لحالة عدم الاستقرار النسبي في المنطقة.

وفي هذا السياق نجد استقصاء ميداني حصلت عليه عين الجنوب في 2021، يشير هذا الاستقصاء الى تورط منظمة دولية (فرنسية) في زيادة أعداد الهجرة الغير الشرعية، حيث تقع هذه القضايا تحت مسؤوليتها المباشرة إضافة الى أدوارها الاخرى المتعلقة بقضايا وأيديلوجيات مجتمع الميم (LGPT)، ولكن في سياق التقرير يتمثل ذلك في شهادات أدلى بها مهاجرون أثيوبيون في المخيمات التي كانت ممتدة على ساحل أبين في العاصمة عدن بشكل غير مباشر.

ولكن مع كل هذا لابد أن نعرف أن هذه الهجرات الغير شرعية والغير منظمة لها عواقب وخيمة خاصة وأن أعداد المهاجرين لا زالت مستمرة، تتمثل هذه العواقب بشكل كبير في:
زيادة الضغط الهائل على الخدمات الأساسية:
تدفق المهاجرين اللاجئين يزيد العبء على البنية التحتية المتضررة أساساً في الجنوب. مدن مثل عدن ولحج وأبين والضالع وحضرموت تشهد ضغطاً كبيراً على الخدمات الأساسية أبرزها المياه والصحة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يواجه تحدي كبير في تأمين هذه الاحتياجات في ظل نقص الدعم الدولي.

تعقيد الأوضاع الأمنية:
تدفق اللاجئين يؤدي إلى تصاعد التوترات الاجتماعية والأمنية في الجنوب. حيث أن محافظات الجنوب تواجه تهديد متزايد من الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش التي تستغل الفوضى قد تمكنها من تجنيد المهاجرين غير الشرعيين في صفوفها، مما يهدد الاستقرار في مناطق الجنوب.

زيادة التوترات الاجتماعية:
التدفق الكبير للمهاجرين واللاجئين والنازحين أدى إلى تصاعد التوترات الاجتماعية في الجنوب بين السكان المحليين والمهاجرين. مع غياب الدعم الكافي، يُترك المجلس الانتقالي الجنوبي لمواجهة هذه التحديات بمفرده، مما يزيد من خطر حدوث توترات مجتمعية قد تهدد النسيج الاجتماعي، وهناك شاهد أولي في سياق الهجرة الغير الشرعية يتمثل في: حصول عراك في تاريخ 9/9/2023 اُستخدمت فيه العصي والخناجر بين عرقي الأورومو والأمهرة مما أدى الى سقوط ضحايا، مما أضطر ذلك الى تدخل الجهات الأمنية لفض النزاع، وتخفيف حالة الفزع في المجتمع المحلي.

تفاقم الأزمات الاقتصادية:
المجلس الانتقالي الجنوبي يواجه تحديات اقتصادية كبيرة تتمثل في الفساد المستشري في السلطة الرئاسية، علاوة على التحديات والعراقيل الأخرى المتمثلة في إدارة الموارد الإستراتيجية في الجنوب، إضافة الى قلة إن لم يكن انقطاع الدعم المالي الدولي بشكل كبير. 
تدفق المهاجرين واللاجئين يزيد من هذه الأعباء الاقتصادية، مما يعرقل قدرة السلطات المحلية على توفير الموارد اللازمة لإيوائهم وتقديم الخدمات الأساسية، بهدف تسهيل العودة الطوعية لهؤلاء المهاجرين.

توصيات وحلول للمجلس الإنتقالي الجنوبي:
تعزيز التعاون الدولي:
المجلس الانتقالي الجنوبي بحاجة ماسة إلى دعم دولي أكبر لإدارة أزمة المهاجرين، بما في ذلك توفير الموارد المالية والمساعدات الإنسانية. يجب على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية زيادة دعمها للسلطة في الجنوب لتعزيز قدراتها في التعامل مع هذه الأزمة.

إقامة مراكز استقبال محمية:
بالتعاون مع المجتمع الدولي، والمجلس المجلس الانتقالي يمكن إنشاء مراكز استقبال محمية على الحدود الساحلية لتوفير المأوى والرعاية الصحية للمهاجرين، من أجل تعزيز العودة المنظمة والآمنه لهم بشكل طوعي.

مكافحة شبكات التهريب:
المجلس الانتقالي الجنوبي يجب أن يعزز جهوده بالتعاون مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لمكافحة شبكات التهريب التي تستغل المهاجرين وتزيد من الفوضى في الجنوب. يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز الرقابة البحرية والجوية على سواحل الجنوب.

تحقيق الاستقرار الداخلي في الجنوب:
يعد تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في الجنوب أمر أساسي لحل مشكلة تدفق اللاجئين. المجلس الانتقالي يعمل على تعزيز قواته الأمنية والعسكرية، ولكن يتطلب ذلك دعم دولي لتأمين حدوده ووقف التدفقات غير القانونية للمهاجرين.

تعزيز التوعية والتواصل المجتمعي:
يترتب على المجلس الانتقالي العمل على تعزيز التواصل مع المجتمعات المحلية لتعزيز التعاون في مواجهة هذه الأزمات. برامج التأهيل المتخصصة ومبادرات العودة الطوعية، ومشاريع الدعم الإنساني المباشر للمهاجرين واللاجئين يمكن أن تكون أفضل الطرق لتخفيف العبء على المجتمعات المضيفة.

بيانات وإحصاءات في سياق هذا التقرير:

عدد اللاجئين والمهاجرين إلى الجنوب: وفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، وصل أكثر من 30,000 مهاجر ولاجئ إلى سواحل الجنوب في عام 2023 وحده، والذي يعتبر الأقل، مقارنة بالأعوام الماضية.
تمويل المساعدات الإنسانية للجنوب: 
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الجنوب يعاني من نقص حاد في التمويل الإنساني، حيث تم تغطية أقل من 40% من احتياجاته في العام الماضي.
زيادة نشاط التهريب: 
خلال السنوات الثلاث الماضية، شهدت السواحل الجنوبية ارتفاعاً في نشاط شبكات التهريب بنسبة 60%، وفقاً لتقارير أمنية محلية.

وهنا يمكن القول أن:
تدفق المهاجرين الغير شرعيين واللاجئين إلى محافظات الجنوب يمثل تحدي كبير للمجلس الانتقالي الجنوبي والمنطقة، والتي تجد نفسها في مواجهة تحديات اقتصادية وأمنية حالية. وهنا نستنبط انه ما لم يتم تعزيز التعاون الدولي وزيادة الدعم والتمويل اللازم للجنوب مع تحمل المنظمات الدولية دورها بشكل شفاف في هذا السياق، فإن هذه الأزمة قد تزداد تفاقماً، مما يهدد الاستقرار في المنطقة ويعزز الفوضى في محافظات الجنوب. 
يتطلب حل هذه الأزمة مزيجاً من الحلول الأمنية والسياسية والإنسانية، مع تكاتف الجهود الإقليمية والدولية، ابرزها تقديم مقترحات مشاريع ملائمه في هذا هذا القطاع وإرسالها الى الجهات المختصة في شؤون النازحين والمهاجرين ولكن تحت إشراف مباشر من السلطة في الجنوب لتجنب أي استغلال للموارد والمساعدات التي قد تعزز من أنحراف مسار السيطرة على مشكلة تدفق المهاجرين في محافظات الجنوب.

فيديو