هاني مسهور

تحرير عدن والمكلا أركان في معبد الحرية

الجنوب - منذ 6 ساعات

‏ليس تحرير عدن 2015، ولا تحرير المكلا 2016، حدثين عابرين في دفتر الأيام، بل هما علامتان فلكيتان في ذاكرة الأمة، أشبه ببرقٍ شقّ ليلًا دامسًا، فذكّر العرب أن الجنوب لم يكن يومًا ساحة منسية، بل بوابة النور وحائط الصد الأول في وجه الظلام.

إن فلسفة الحراك الجنوبي لا تُقرأ في بيانات السياسة ولا في توازنات الخرائط، بل في هذا الإصرار الأسطوري الذي جعل مدنًا محاصرة بالنار تتحوّل إلى مرافئ خلاص، ففي عدن، انكسرت فكرة الهيمنة حين واجهت إرادة الأرض، وفي المكلا انطفأت نار التطرف حين اصطدمت بجدار وُلد من دماء رجالٍ حملوا الجنوب في قلوبهم قبل أن يحملوا السلاح في أيديهم.

لقد أثبت الحراك الجنوبي أن الأرض ليست جغرافيا صامتة، بل كائن حيّ يثور حين يُستباح، ويقاوم حين يُستعبد. تحرير عدن والمكلا لم يكن فقط تطهيرًا لمدينتين، بل كان إعلانًا أن الجنوب قادر على أن يكتب ملحمته الخاصة، ويُسقط كل الرايات المؤدلجة، من عمامة الولي الفقيه إلى رايات القاعدة وداعش.

إن الأسطورة الحقيقية هنا أن الحراك الجنوبي لم يولد من رحم السياسة الضيقة، بل من الذاكرة القومية العربية نفسها،  من فكرة أن الحرية ليست هدية، بل معركة، وأن الكرامة لا تُشترى في أسواق الأمم، بل تُنتزع كما انتُزعت عدن من بين أنياب الميليشيات، وكما استُعيدت المكلا من بين مخالب الإرهاب بدعم إماراتي.

وهكذا يصبح الجنوب معراجًا رمزيًا للفكر العربي كله .. كلما انهزم أمام موجات الأيديولوجيا المتطرفة، ينهض الجنوب ليقول إن الأرض يمكن أن تتطهّر بالدم والوعي معًا،عدن 2015 والمكلا 2016 ليستا مجرد ذكريات، بل أركان في معبد الحرية، إشارتان خالدتان على أن الحراك الجنوبي كان، وما يزال، الحاجز الأخير بين الأمة وانتحارها في فوضى التطرف.

فيديو