إسترخاص مبتذل | وفد الحوثيين يثير السخرية في بيروت

تقارير - منذ 16 يوم

وفد الحوثيين في بيروت مثار للسخرية

عين الجنوب | تقرير - خاص

أجتمع اتباع مشروع ولاية الفقية في مراسم تشييع حسن نصر الله، مما جعل الكثيرين ينتقدونهم باشمئزاز واضح خاصة بعدما ظهرت دوافع قدر كبير من التملق والانفعال المصطنع الذي ظهر به الوفد. كان المشهد بالنسبة للكثيرين دليلاً جديداً على السلوك الاستعراضي الذي اعتادت الجماعة على توظيفه في خدمة أجندتها، متجاهلة أبسط معايير الكرامة الشخصية أو حتى الاعتبارات الدبلوماسية. فبيروت، التي اعتادت مجالسها على الطقوس الشيعية المليئة باللطم والبكاء أسوة بكربلاء، لم تكن لتتفاجأ بمظاهر الحزن، لكن تصرفات وفد الحوثيين تجاوزت حتى ما هو مألوف في هذه الطقوس. بدا الأمر وكأنهم يسعون لإثبات هويتهم الملالية بأي وسيلة ممكنة، متناسين أنهم جاءوا ممثلين لجماعة سياسية وعسكرية تدعي أنها تخوض حرباً ضد العدوان لحماية الشعب حد وصفهم . إلا أن الولاء لمحور إيران كان هو المحرك الأساسي، فأرادوا الظهور كأنهم الأوفياء الأكثر إخلاصاً، متفوقين حتى على أقرانهم في لبنان. حيث انتشرت مقاطع الفيديو التي توثق هذا السلوك بشكل واسع، إلا أن أكثرها إثارة للسخرية كان مقطعاً يظهر فيه حمود شرف، مدير إذاعة (سام إف إم)، وهو يتوسل إلى أحد مرافقي حسن نصر الله الشخصيين ليسمح له بتقبيل يده، فقط لأنها صافحت يد زعيم حزب الله. في مشهد مذل، ظهر شرف فاقد للكرامة، متشبثاً بالرجل بإلحاح متكرر، بينما كان الأخير يحاول التخلص من الموقف المحرج. ورغم رفض المرافق وإصراره على التملص، استمر شرف في توسلاته المتكررة، لو سمحت، لو سمحت، لو سمحت، حتى اضطر المصور إلى قطع التسجيل، وكأنه أراد إنقاذ الجماعة من مزيد من الحرج. هذا الموقف، الذي وصف بأنه سلوك رخيص حتى في أوساط بعض المؤيدين للحوثيين، كاشفاً عن حالة غريبة من الاستلاب الطائفي التي يعيشها عناصر الجماعة، حيث يقدم الولاء الطائفي على أي اعتبار آخر، حتى لو كان ذلك على حساب صورة شعبهم أنفسهم. حيث ترتبط الشخصية هناك تاريخياً بالاعتزاز بالنفس والكرامة، بدا تصرف شرف ومن معه إهانة لكل من يعرف معنى الكبرياء الحقيقي والإعتزاز بالنفس.

هذا المشهد بكل أسف نقول أنه انعكاس لمنظومة كاملة تديرها الجماعة، حيث أصبحت الطاعة المبتذلة والولاء المطلق معياراً للنجاح داخل الحركة. فمنذ أن أحكمت الجماعة سيطرتها على صنعاء، عملت على إضعاف أي هوية مستقلة، واستبدالها بهوية مذهبية مرتبطة بمشروع ولاية الفقيه.   

تصرفات وفد الحوثيين في بيروت تكشف سياستهم في تكريس التبعية المطلقة للمرشد الإيراني. فخلال السنوات الأخيرة، استثمرت الجماعة في تقديم نفسها كجزء لا يتجزأ من ما يسمى محور المقاومة، لكن جاءت ردود الفعل في الداخل، مالت بالإغلبية إلى السخرية والاستنكار. فحتى بين أولئك الذين يتبنون خطاب الجماعة، كان هناك إدراك بأن المشهد تجاوز كل حدود المقبول، خاصة في بلد لا يزال يعيش تداعيات حرب مدمرة تسببت فيها الجماعة نفسها، بينما ينشغل قادتها بالسفر إلى الخارج لحضور مناسبات لا تعني من هم تحت سيطرتها وبأسلوب مهين.

وفي الوقت الذي انشغل فيه وفد الحوثيين بإظهار المسكنة والتعاطف المبتذل في بيروت، يواصل الملايين في مناطق سيطرتهم المعاناة من أزمات معيشية خانقة، بسبب جبايات المجهود الحربي، يأتي ذلك فيما تواصل الجماعة الإنكماش على نفسها معتمدة على التصعيد العسكري والرهان على الوقت لتحقيق مكاسب سياسية أكبر. وبينما تدعي ما لا تُكن يظهر قادتها في الخارج متسولين مكاناً في الصفوف الأولى لمحور شرير لا يرى فيهم أكثر من ورقة ضغط تستخدم عند الحاجة. وهناك لا يسمح للتابعين الصفر إلا بأدوار تثير الإستنكار والتحسف، تهدر ما تبقى من الكرامة.

فيديو