وعي شعب الجنوب في مواجهة التضليل الفكري والحرب التشكيكية
السياسة - منذ 13 يوم
عين الجنوب | تقرير - خاص
هناك من الامور ما تجعل المرء يستشيظ غضباً بسبب منهجيتها وطبيعتها الاستدراجية، هؤلاء يظهرون في زمن الحروب الحديثة فلم تعد المعارك تقتصر على الأرض والسلاح، بل اتسعت لتطال العقول والمفاهيم، ولعل ما تواجهه الشعوب الساعية لنيل حريتها واستعادة كيانها المستقل هو (التضليل الفكري المنهجي والاعلامي)، الذي يعد من أبرز أسلحة القوى المعادية لقضايا الشعوب التحررية. شعب الجنوب لم يسلم من هذه الاستراتيجية، حيث اصبح ساحة مفتوحة لحرب ناعمة تستهدف وعي الإنسان الجنوبي وهويته الوطنية.
قوى اليمنية على اختلاف نخبها تلجأ إلى أدواتها الإعلامية وأذرعها المحلية، من نشطاء وإعلاميين، لبث الشك وزرع الوهن في النفوس. يروجون لمقولات معلبة ظاهرها المصلحة وباطنها الخراب، محاولين استهداف الحق الجنوبي العادل، المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية وبنائها كدولة فيدرالية تضمن حقوق الجميع.
هذا التضليل بقدر ما هو عبث، هو منهجية مدروسة لإضعاف الإرادة، وصرف الأنظار من خلال النفاق السياسي والتلاعب بالحقيقه، وتزييف الأولويات وحرف المسار.
لكن الحقيقة أقوى من الزيف، وشعب الجنوب يعرف ما يريد؛ أرضه وكرامته ودولته. وليس من العدل أن يُساوى هذا الشعب الذي يقاوم منذ سنوات طويلة لاستعادة أرضه، بمن قام على أيديولوجيات فُرضت بقوة السلاح دون قبول شعبي، كما هو الحال مع الحوثي أو من تلبسوا عباءة الثورة ثم استغلوها لتكريس الارهاب مستغلين كل شي يمكنهم من تحقيق غايتهم منها الأخونة السياسية، والاسلام السياسي، والاستغلال للقضايا الاقليمية، فهم لا يختلفون في مشروعهم عن الحوثيين.
ايضاً العاطفة الوطنية لدى شعب الجنوب ليست نقطة ضعف، بل قوة تحرك العقول والقلوب في اتجاه واحد، استعادة كامل تراب الوطن الجنوبي. فعندما تسير العاطفة في امر شعب ووطن، تنبع القرارات من حس جمعي صادق، يقود إلى بناء دولة تتأسس على القيم الوطنية والعدل. كما ان القيادة الجنوبية، رغم حجم التشويه والاستهداف الداعي الى الشقاق استثمرت هذه العاطفة والتلاحم بين المشاعر الوطنية والوعي السياسي لتوحيد الصف الجنوبي في مواجهة محاولات التشكيك والتضليل الفكري.
ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان منصات التواصل الاجتماعي، رغم أهميتها، باتت في كثير من الأحيان أداة تخدم اجندة القوى الطامعه بارض الجنوب، لا سيما حين تستخدم لإشغال الجمهور بقضايا مسيسه، وتلميع أصوات تشوه الحقيقة وتضلل الرؤية. وهذا يتطلب من كل جنوبي، لا سيما النخب الواعية، أن يكونوا في حالة يقظة، يدركون طبيعة المعركة الجديدة، ويستخدمون الحقيقة من اجل، بناء الوعي الجنوبي، وتعزيزه.
فـ الجنوب لا يقاتل فقط على جبهة الجغرافيا، بل في ساحة الوعي، والشعب الجنوبي هو صاحب قضية عادلة ومشروع وطني متكامل. لذلك، لا يمكن مساواته بمن استغل قضايا زيفاً لتبرير تسلطه أو تمرير أطماعه. ومن الظلم أن نحاكم تجربة الجنوب تحت وطأة أخطاء فردية لا ترقى لحجم ذلك التهويل عبر حملات دعائية موجهة.
إن الجنوب هو الأرض والهوية والتاريخ، والحق الذي لا يسقط بالتقادم، وما دامت هذه القناعة راسخة في وجدان الجنوبيين، فإن كل محاولات التضليل ستتحطم على صخرة الوعي الوطني المتماسك، ومهما كبرت مكائدهم واستهدافهم كلما زاد الشعب الجنوبي تمسكاً بحقه الوطني في السيادة على كامل أرضه من حوف المهرة وحتى باب المندب وطن لكل وبكل ابناءه. والامل كبير جداً ان تكون مليونية حضرموت اولاً مليونية غير مسبوقة، حتى تقطع على كل من يحاول التلبس بصف الحمل الوديع لأجندته الخاصة، فـحضرموت عمق الجنوب الاستراتيجي وتاريخه وجزء لا يتجزأ من هويته وكيانه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فلا جنوب بدون حضرموت ولا حضرموت بدون الجنوب.