التجربة الجنوبية قراءه منصفة بين الواقع والتاريخ

السياسة - منذ 4 ساعات

عين الجنوب | تقرير - خاص


إن الحديث عن تجربة شعب الجنوب، لا ينبع فقط من رواية فردية، بل من مسار طويل عاشه شعب كامل له هويته وارضه وخصوصيته وتاريخه، شهد فيها تحولات كبرى، من الاستعمار البريطاني، مروراً بالنظام الاشتراكي، وانتهاءاً بتجربة الوحدة وما تبعها من صراعات وتضحيات. هذه الورقة ليست انحيازاً لطرف، بل دعوة لقراءة منصفة للتاريخ من منظور جنوبي، وشمالي، ومحايد.

أولاً: التجربة الجنوبية من منظورنا

عايش الشعب الجنوبي خلال الحقبة الاشتراكية نظام قوي في التعليم والصحة والتنظيم الإداري والعسكري، بعدها جاءت الوحدة في 1990، لكنها سرعان ما تحولت إلى وسيلة هيمنة يمنية على مؤسسات الجنوب، وتعرض الشعب من العسكريين والمدنيين للإقصاء والتهميش والإغتيالات، والارهاب. ثم أحداث 1994 إذ ننظر إليها كغزو، خصوصاً أن نتائجها رسخت الظلم، والقهر، والهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي ومحاولات لطمس وكسر ارادة شعبنا الجنوبي. الا ان 2015 كانت نقطة تحول، إذ التحم الشعب الجنوبي في مقاومة شاملة ضد محاولات غزو جديدة، بدون قيادة موحدة في البداية، لكن بروح جماعية وعزيمة واضحة، ابرزها المقاومة التي كانت تشكل القوة الاكثر تنظيماً وتدريباً على مستوى الجنوب وهي المقاومة تحت قيادة الرئيس الزُبيدي.


ثانياً من منظور شمالي:

النخب اليمنية لازالت تنكر حقيقة الظلم او تتغاضى عنه، وفي خطابها ترى الجنوب فرع من اصل، بل يستخدم البعض لغة عنصرية في توصيف الجنوبيين (مثل وصفهم بـ الهنود أو الصومال)، وهذا يعمق الهوة ويُفقد أي أمل في التفاهم. ربما هناك أصوات شمالية منصفة تعترف بوقوع الظلم وتدعو لمراجعة شجاعة، لكنها ما زالت محدودة، على الاقل حتى الان.


ثالثاً من منظور محايد:

لا يمكن لأي طرف حيادي منصف أن يقبل ما تعرض له الجنوب من إقصاء ونهب للموارد وتهميش متعمد. تجربة الجنوب لو وضعت على أي شعب آخر، لرفضها ولانتفض كما انتفض الجنوبيون، بما فيهم الشمال انفسهم.

وهذا يبرر دفاع الجنوبيون عن أرضهم بكل ما اوتوا من قوة، انه دفاع عن ارض وكرامة وهوية وشعور بالوطن والانتماء. لماذا؟ ببساطة لانهم جربوا وحدة الإحتلال من ظلم، وحرمان، ونهب، وتهميش وطمس ممنهج ومحاولات كسر الارادة، وحينها أدركوا أن الكرامة والحرية لا تُمنح بل تُنتزع.

كما أن تدخل الاشقاء في التحالف العربي وموقفهم الاخوي التاريخي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، مع خصوصية اكبر لـ دولة الإمارات الشقيقة، لما لها من دور حاسم في دعم المقاومة الجنوبية، وتسليحها، وتوفير الدعم اللوجستي، يظل موقف صادق محفوراً في وجدان الشعب الجنوبي. لذلك يجب أن تفهم كل الاطراف أن عرفان الجنوبيين بهذا الدعم والتمسك بحليف صادق ليس تبعية، بل تقدير لمن وقف معه في لحظة تاريخية حاسمة.

هذه الورقة ليست دعوة للتعصب، بل نداء للإنصاف. الجنوب ليس مجرد أرض، بل شعب له ذاكرة وكرامة وهوية. ومن لا يعترف بتجربته، لا يمكنه أن يتحدث عن وحدة أو شراكة. والعدالة، ان لم تطبق فإن القوة هي من تصنع مستقبلاً للشعوب الحرة.

إن بناء السلام الحقيقي يبدأ من الاعتراف المتبادل، والمراجعة الجادة، وتخلي نخب اليمنية عن أوهام السيطرة والهيمنة. عندها فقط، يمكن للحوار أن يصبح لغة بديلة عن الصراع. وبغض النظر عن موقف اي طرف، شعب الجنوب صاحب حق ولن يتوقف حتى إستعادة دولته كاملة السيادة من المهرة الى باب المندب.


فيديو