الغزو اليمني للجنوب، إحتلال كامل الاركان والمعالم

السياسة - منذ 8 ساعات

عدن | عين الجنوب - خاص


قبل واحد وثلاثين عام، اجتاحت قوات العربية اليمنية الجنوب، وأحتلت عاصمته عدن باستخدام القوة العسكرية المفرطة، منهية بذلك اتفاقية ما يسمى بالوحدة اليمنية، التي دخل فيها الجنوب في 22 مايو 1990م.

لم تكن حرب صيف 1994م صراع بين شريكين كما يُروج لها البعض، بل كانت غزواً ممنهجاً يهدف إلى إحتلال دولة الجنوب وطمس هويتها ونهب مؤسساتها وثرواتها. قوات الاحتلال اليمني لم تكتف بتدمير عدن، بل عمدت إلى تسريح مئات الآلاف من العسكريين والمدنيين الجنوبيين، وحرمانهم من حقوقهم، وتهميشهم في وطنهم، رغم أنهم المالكون الحقيقيون للأرض.

ذلك الغزو لم يكن وليد لحظة، بل سبقته مؤشرات واضحة بدأت مبكراً بعد إعلان الوحدة. منذ العام الأول، بدأت الإغتيالات وإقصاء القيادات والكوادر الجنوبية، وتهميش دورهم في الجيش والأمن، والسيطرة على القرار السياسي من قبل قوى صنعاء. وفي 27 ابريل 1994م، أعلنت تلك القوى الحرب فعلياً، حين توحدت كل الأحزاب اليمنية تحت راية الغزو، مسنودة بفتاوى دينية تكفيرية من علماء ينتمون لتنظيم الإخوان، أباحوا فيها دماء الجنوبيين واستباحوا أرضهم.

ما تلا الحرب كان أشد وقعاً، الوزارات والمؤسسات والبنوك نُهبت، الشركات والمصانع أُغلقت أو تم خصصتها، الآلاف من الضباط والجنود وموظفي الدولة أُحيلوا إلى التقاعد القسري، والعشرات من القادة العسكريين والأمنيين الجنوبيين تم اغتيالهم. لقد تحول الجنوب إلى منطقة محتلة، مسلوبة السيادة، تعيش حالة قمع ممنهج وإقصاء شامل.

لكن الجنوب لم يستسلم. ومنذ 2007م خرجت الملايين في احتجاجات سلمية ومليونيات رافضة للإحتلال اليمني، لتُعلن بداية مشروع استعادة الدولة الجنوبية. وتحول ذلك الحراك الشعبي إلى كيان سياسي وعسكري منظم، يقوده اليوم المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، الذي استطاع أن يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها، الجنوب شعب وهوية ووطن وجيش وأمن.

بعد 31 عام من الاحتلال، أصبح الجنوب اليوم يدير نفسه بنفسه، ويملك قراره الامني والعسكري، ويبني مؤسساته الوطنية رغم التحديات الكبيرة. بات يمتلك جيش وأمن من أبناءه، وقوى سياسية صلبة، وشرعية شعبية تتجذر في وعي أبنائه. وتدريجياً، بدأت بعض الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية بالتعامل مع الجنوب كقوة فاعلة على الأرض، وهذا ما يعزز فرص الحل العادل للقضية الجنوبية.

ما تسمى بالوحدة اليمنية فشلت بحكم الواقع والقانون، إذ لا يمكن لأي وحدة أن تقوم على القهر والإكراه. فالوحدة التي فرضتها قوى اليمنية تحولت إلى ضم همجي واحتلال مغلف. لقد كشفت أحداث 1994م حقيقة النوايا الخبيثة لقوى صنعاء تجاه الجنوب، التي رأت في الوحدة وسيلة للهيمنة والسيطرة، وليس مشروعاً وطنياً كما تزعم.

اليوم، الجنوب لا يسعى إلى الانتقام، بل إلى العدالة. لا يطالب بالحرب، بل بالحل السياسي العادل. يمد يده للسلام، لكنه لا يتنازل عن حقه في استعادة دولته على اسس حديثة، دولة فيدرالية كاملة السيادة، وهو حق مشروع اعترفت به المواثيق الدولية ومبادئ القانون الدولي. الجنوب لم يعد ذلك الشعب المقهور في 1994م، بل أصبح قوة ووطن وشعب يفرض إرادته، ويصنع مستقبله، ويبعث برسالة واضحة للعالم، لقد انتهى زمن الاحتلال، وبدأ زمن الدولة الجنوبية الفيدرالية الحرة، من المهرة الى باب المندب كاملة السيادة.

فيديو