الممرات البحرية وموانئ التهريب.. مخاطر وتحديات تواجه الجنوب

تقارير - منذ ساعتان

خاص| عين الجنوب     

تشكل الممرات البحرية الجنوبية واحدة من أهم المرتكزات الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة، فهي شرايين حيوية تمر عبرها التجارة العالمية وتُسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنمية البنية التحتية. غير أن هذه الممرات تواجه في السنوات الأخيرة مخاطر متزايدة وتحديات أمنية واقتصادية معقدة، تهدد سلامة الملاحة الدولية واستقرار المنطقة برمتها.

أهمية الممرات البحرية للجنوب
8
يمتلك الجنوب ممرات بحرية تُعد من الأكثر أهمية في العالم، إذ تمثل بوابة عبور رئيسية للتجارة بين الشرق والغرب، وتتحكم بمسار شحن النفط والغاز والبضائع عبر البحرين العربي والأحمر. وتعتبر هذه الممرات موردًا اقتصاديًا ضخمًا يرفد خزينة الدولة بعائدات مالية تساهم في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية وتحسين البنية التحتية. 

ومن أبرز هذه الممرات:

مضيق باب المندب: وهو أحد أهم الممرات الملاحية العالمية، يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن، وتمر عبره يوميًا مئات السفن التجارية وناقلات النفط. ويُعد موقعه الجغرافي الحساس محورًا استراتيجيًا للتجارة الدولية، حيث يؤثر أي اضطراب فيه على الملاحة العالمية.

ميناء عدن:يعد من أقدم وأهم الموانئ في المنطقة، ويمثل مركزًا تجاريًا نشطًا تستفيد منه الدولة في تصدير النفط والغاز والمنتجات المحلية. وقد سعت السلطات المحلية إلى تطوير مرافقه ورفع كفاءته التشغيلية، لما له من دور اقتصادي محوري في إنعاش الحركة التجارية.

ميناء المكلا:وهو أحد الموانئ الحيوية في محافظة حضرموت، يشهد حركة تجارية متنامية في تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي والمنتجات المحلية، ويُعد ركيزة اقتصادية أساسية في شرق الجنوب.

التهديدات الأمنية والتحديات المتصاعدة

ورغم هذه الأهمية الاقتصادية، إلا أن الممرات البحرية الجنوبية تواجه مخاطر أمنية متزايدة. فأنشطة القرصنة البحرية التي برزت في فترات سابقة تحت مسمى “القرصنة الصومالية”، لا تزال تمثل تهديدًا محتملًا للملاحة في خليج عدن وبحر العرب، إضافة إلى الهجمات المتكررة التي تنفذها ميليشيا الحوثي الإرهابية ضد السفن التجارية وناقلات النفط، مما يهدد سلامة الممرات ويؤثر على استقرار التجارة الإقليمية والدولية.
جهود حكومية لحماية الممرات وتأمين السواحل

في ظل هذه التحديات، تبذل السلطات الجنوبية جهودًا كبيرة لتأمين الممرات البحرية والسواحل الممتدة من باب المندب غربًا حتى المهرة شرقًا، من خلال تعزيز الدوريات البحرية، وتكثيف التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية، وإنشاء نقاط مراقبة ورصد متقدمة.

كما تعمل الحكومة على إغلاق المنافذ غير القانونية التي تُستخدم في التهريب أو تسهيل الهجرة غير الشرعية، بالتوازي مع تطوير القدرات اللوجستية للموانئ وتحديث الأنظمة الرقابية لضمان سلامة العمليات التجارية.

وقد دعت الحكومة الجنوبية المجتمعين الإقليمي والدولي إلى دعم جهودها في حماية الممرات الدولية ومساندة القوات البحرية الجنوبية في مواجهة التهديدات الإرهابية والقرصنة، لما لذلك من تأثير مباشر على أمن الطاقة والتجارة العالمية.

أهمية الدعم الإقليمي والدولي

إن تأمين الممرات البحرية الجنوبية ليس شأنًا محليًا فحسب، بل هو قضية أمن قومي وإقليمي، إذ إن أي اضطراب في هذه الممرات قد يؤدي إلى إرباك حركة التجارة الدولية وارتفاع تكاليف النقل البحري وأسعار النفط عالميًا. لذلك فإن دعم الجهود الجنوبية في هذا المجال يعد استثمارًا في استقرار المنطقة برمتها.

وقد شددت تقارير دولية على أهمية الدور الذي تلعبه القوات البحرية الجنوبية في حماية خطوط الملاحة من تهديدات الحوثيين والجماعات الإرهابية، مؤكدة أن استمرار هذه الجهود يعزز من استقرار البحر الأحمر وخليج عدن ويحد من الأنشطة غير المشروعة في المنطقة.

تظل الممرات البحرية الجنوبية ثروة وطنية واستراتيجية لا تقدر بثمن، فهي بوابة الجنوب إلى العالم، ورافعة اقتصادية يمكن أن تُحدث تحولًا كبيرًا في مستقبل البلاد إذا ما تم استغلالها وتأمينها بالشكل الأمثل.

إن التحديات القائمة – من الإرهاب والقرصنة والتهريب والهجرة غير الشرعية – تتطلب رؤية وطنية موحدة وجهودًا مشتركة بين مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، بدعم من المجتمع الدولي، لضمان بقاء هذه الممرات آمنة ومستقرة تخدم مصالح الجنوب والمنطقة والعالم أجمع.

فيديو