الجنوب على قلب رجل واحد… استعادة الدولة خيار شعب لا يقبل المساومة

الجنوب - منذ 5 ساعات

عين الجنوب ||خاص:
لم يعد الجنوب ساحة للاجتهادات المتناقضة ولا ميدانًا للمشاريع المؤقتة، بل أصبح اليوم حالة وطنية متماسكة، تتقدمها رؤية واضحة ومطلب جامع لا يقبل التأجيل أو الالتفاف: استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة. هذا المطلب لم يولد من فراغ، ولم يكن نتاج لحظة انفعال سياسي، بل هو حصيلة تاريخ طويل من المعاناة، وتجربة مريرة مع الإقصاء والتهميش، ومسار ممتد من النضال الذي صاغ وعيًا جنوبيًا جمعيًا لا يمكن كسره.

لقد أثبتت السنوات الماضية أن الجنوب، رغم كل محاولات التفتيت والاختراق، يمتلك قدرة استثنائية على توحيد صفه حين يتعلق الأمر بقضيته المصيرية. فالاختلافات الطبيعية في الرأي لم تتحول يومًا إلى خلاف على الهدف، لأن البوصلة ظلت ثابتة باتجاه واحد: دولة تحمي الأرض والإنسان، وتعيد الاعتبار للهوية والكرامة، وتضع حدًا نهائيًا لدورات العبث والفوضى التي فُرضت على الجنوب قسرًا.

وما يميز اللحظة الراهنة أن المطلب الجنوبي لم يعد حبيس النخب أو الخطابات السياسية، بل أصبح قناعة راسخة لدى الشارع، تتجلى في المواقف، وفي حجم الالتفاف الشعبي، وفي الاستعداد لتحمّل الأعباء مهما كانت كلفتها. فالشعوب التي تدرك عدالة قضيتها لا تتراجع عند أول اختبار، والجنوب قدّم من التضحيات ما يكفي ليؤكد أن ثمن الحرية، مهما كان باهظًا، يظل أقل كلفة من استمرار الظلم وضياع الحقوق.

إن استعادة الدولة بالنسبة للجنوبيين ليست فعل انتقام ولا مشروع إقصاء، بل خيار تصحيحي يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي، ويؤسس لشراكة حقيقية مع الإقليم والعالم، قائمة على الاستقرار والاحترام المتبادل. دولة الجنوب المنشودة ليست دولة شعارات، بل دولة مؤسسات وقانون، قادرة على حماية مصالح شعبها، والمساهمة الإيجابية في أمن المنطقة واستقرارها.

ورغم تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، ومحاولات فرض حلول مجتزأة أو ترقيعية، يزداد الوعي الجنوبي بأن أي تسوية لا تنطلق من الاعتراف الصريح بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره ستظل حلولًا هشة، سرعان ما تنهار أمام أول اختبار واقعي. فالتجارب أثبتت أن تجاهل جذور القضايا لا يصنع سلامًا، وأن فرض الأمر الواقع بالقوة أو الوصاية لا يؤدي إلا إلى مزيد من الصراع.

اليوم، الجنوب يبعث برسالة واضحة لا لبس فيها: نحن أصحاب قضية عادلة، وإرادة صلبة، وخيار لا عودة عنه. قد تتغير الأدوات، وقد تتبدل التكتيكات، لكن الهدف ثابت، والقرار شعبي، والمستقبل يُرسم بإرادة من دفعوا ثمنه دمًا وصبرًا وثباتًا.
استعادة الدولة لم تعد سؤالًا مطروحًا، بل مسارًا ماضيًا بثقة، لأن الجنوب حين يتوحد على هدف، لا يمكن كسره، وحين يقرر، لا يتراجع مهما كان الثمن.

فيديو