زمنُ تحديدِ المواقف… الجنوبُ أمام لحظةٍ فاصلة

دراسات وتحليلات - منذ 3 ساعات

عين الجنوب|| خاص  

لم يعد الجنوب اليوم في مساحة الانتظار أو هامش التأويلات السياسية، بل دخل مرحلة حسم المواقف في ظل متغيرات داخلية وإقليمية ودولية متسارعة. فالمشهد العام يشير بوضوح إلى أن ما بعد هذه اللحظة لن يكون كما قبلها، وأن القوى الفاعلة – محليًا وخارجيًا – مطالبة بتحديد مواقعها بوضوح، بعيدًا عن الضبابية أو ازدواجية الخطاب.
على الصعيد الداخلي، رسّخ المجلس الانتقالي الجنوبي حضوره كقوة سياسية وأمنية منظّمة، استطاعت فرض الاستقرار في مناطق واسعة، وفي مقدمتها عدن، إلى جانب إدارة ملفات خدمية وأمنية معقّدة في ظروف إقليمية شديدة الحساسية. هذا الحضور لم يعد مجرّد “أمر واقع”، بل تحوّل إلى عنوان رئيسي لأي مقاربة سياسية تتناول مستقبل الجنوب.
أما شعبيًا، فقد بلغ الوعي الجمعي الجنوبي مستوى متقدمًا من الإدراك السياسي؛ حيث بات الشارع أكثر وضوحًا في مطالبه، وأكثر صرامة في رفض العودة إلى دوائر التهميش أو الوصاية. ولم تعد الجماهير تقبل بالمواقف الرمادية أو الوعود المؤجلة، بل تطالب بخيارات واضحة تعكس إرادتها وتضحياتها الممتدة.
إقليميًا، تبرز تحولات لافتة في مقاربة عدد من العواصم المؤثرة، خصوصًا السعودية والإمارات، تجاه واقع الجنوب. فالتعامل بات أكثر واقعية، قائمًا على معادلة الاستقرار ومكافحة التهديدات، واحترام القوى القادرة على إدارة الأرض وحماية المصالح المشتركة. وهذا التحول يضع مختلف الأطراف أمام اختبار جدي: إما الانخراط في مسار واضح، أو البقاء خارج معادلة التأثير.
وفي حضرموت وسائر محافظات الجنوب، يبرز نموذج الاستقرار كرسالة سياسية بحد ذاتها، تؤكد أن الجنوب قادر على إدارة شؤونه عندما تُمنح له الفرصة، وأن الفوضى ليست قدرًا ملازمًا له كما حاولت بعض الأطراف الترويج سابقًا.
إن زمن تحديد المواقف قد بدأ فعليًا؛ زمن لا يحتمل المناورة ولا الخطاب المزدوج. فإما الوقوف مع إرادة شعب يسعى لتقرير مصيره وبناء دولته، أو الاصطفاف في خانة معاكسة ستتكشف ملامحها سريعًا أمام الداخل والخارج. الجنوب اليوم لا يطلب المجاملة، بل يفرض واقعه، ويكتب مستقبله بثقة متزايدة، مدعومًا بتضحياته، وبوعي أبنائه، وبمعادلات إقليمية لم تعد تقبل إنكار الحقائق على الأرض.

فيديو