بندقةُ السلام.. استراتيجية حوثية في إطار سياسة ملغومة

السياسة - منذ 1 سنة

عين الجنوب: في ظل مساع إقليمية ودولية يعززها توجه حكومي للمضي في عملية سلام شاملة تنهي الحرب المستمرة منذ ثمانية أعوام في اليمن، يتمسك مجلس القيادة الرئاسي بسياسة النَفَس الطويل للقفز فوق تعنت مليشيا الحوثي ومخططاتها المتواصلة للإطاحة ببوادر السلام.  وضمن مساعيها المستمرة لإطالة أمد الحرب التي مكنتها من ابتلاع الجزء الأكبر من جغرافية شمال اليمن، يكشف التصعيد الحوثي في حريب وجبهات جنوب مأرب، الاستراتيجية المليشاوية للمتمردين الذين لا يكادون يدخلون في مفاوضات سلام حتى يعودوا للالتفاف عليه وتوظيفه بما يخدم طموحهم التوسعي.  وفي حين يشهد ملف الأزمة اليمنية منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل من العام الماضي، حراكًا إقليميًا ودوليًا لإحلال السلام وإنهاء الحرب، يرى مراقبون أن جماعة الحوثي تسعى لتوظيف هذا التوجه بما يمكنها من تحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب الأطراف المناوئة لها، فيما يرى آخرون أن التحركات العسكرية الأخيرة لذراع إيران تكشف عن مدى سعي السلاليين لإجهاض مساعي السلام في البلاد. استراتيجية المراوحة  وفي الوقت الذي تتواصل فيه مساعي إنهاء الحرب في اليمن، تلجأ ذراع إيران إلى التصعيد العسكري ضد جبهات الجانب الحكومي، مستغلةً حالة اللا حرب واللا سلم المستمرة منذ انتهاء الهدنة الأممية.  وعلى غرار محادثات تجريها المليشيات مع المملكة العربية السعودية قائد التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تسعى الجماعة لتحقيق مزيد من المكاسب الميدانية في محاولة منها لتعزيز خياراتها في المفاوضات، لا سيما بعد توصل الوساطة الصينية لاتفاق سياسي بين الرياض وطهران.  وفي حين يتزامن التصعيد العسكري للجماعة مع التوجه الإقليمي لإحلال السلام في اليمن، يعتقد مراقبون أن الخيارات العسكرية التي يتخذها المتمردون تهدف للإبقاء على باقي الأطراف في مستوى أضعف في حال التوصل لاتفاق سلام، فيما تستغل الجماعة غياب طيران التحالف في الاستمرار بحربها.  وفي هذا السياق، يرى الكاتب اليمني، والمحلل السياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب، أن الحوثي في الوقت الحالي يتحرك وفق استراتيجية فاوض وتقدم.  وقال الذهب في إطار حديثه لهذه استراتيجية مربحة بالنسبة للجماعة، باعتبار أن الهدنة الحالية غير ملزمة، ولا تقوم على أساس وقف إطلاق النار، ولا توجد رقابة دولية تُصعب عليهم عملياتهم القتالية ضد الجانب الحكومي.  وأضاف: "إذا تمكن الحوثيون في المرحلة الراهنة من السيطرة على مساحة كيلو متر واحد في الأسبوع، فهم بذلك في موقع الرابح، لا سيما وأنهم ماضون في استراتيجية فاوض وتقدم".  وأشار إلى أن: "الحوثي يخترق النقاط الأضعف في حين يدرك أنه لن يتلقى ردة فعل قوية، وفي أحسن الأحوال ستكون ردة الفعل بالقدر الذي تدفعه للعودة إلى نقطة انطلاقه خلال التصعيد الأخير".  وأوضح: "التحولات الأخيرة ضمنت للحوثي عدم تدخل طيران التحالف العربي في مواجهة عملياته العسكرية ضد جبهات الحكومة، في حين يعي التحالف أن معاودة التدخل الجوي ضد الجماعة ستنهي الهدنة وستفشل معها مفاوضاتهم مع إيران".  وتابع قائلًا: "لذلك تسعى الجماعة في الوقت الحالي لمراكمة المكاسب على الأرض مستغلةً الهدنة وعجز الأطراف المناوئة لها عن الرد بالمثل، في الوقت الذي تحاول فيه التقدم في المناطق الدفاعية الأضعف".  وفي حين اعتبر الذهب، إقناع الحوثيين بالسلام مسألة عاطفية، يرى أن الجماعة تبحث حاليًا عن ما يعزز ثقتها بنفسها أمام الأطراف المناوئة لها، أو على الأقل ما يمكنها من إزالة مخاوفها مما يبيته خصومها.  يد إيرانية  تمثل إيران عاملًا رئيسيًا في تحولات التمرد الحوثي وتنامي قدراتها العسكرية، إذ قدمت خلال سنوات الحرب في اليمن دعمها المادي واللوجستي للجماعة الانقلابية، بالإضافة لإرسالها خبراء عسكريين وسياسيين لتطوير أسلحة الجماعة وأدلجة خطابها السياسي.  وفي الوقت الذي يشكل فيه الدعم الإيراني نقطة التحول في قوة الحوثيين، يرى مراقبون أن متغيرات اتفاق الرياض وطهران قد يفرض واقعًا جديدًا على مستقبل الحوثيين بما يجبرهم على التمسك بعملية السلام، لا سيما في حال أجبرت الأخيرة –إيران– على رفع يدها عن الملف اليمني.  وفي هذا السياق، يقول الدكتور علي الذهب: "اليد الإيرانية التي بدأت ترفع مؤخرًا عن الحركة الحوثية بشكل تدريجي، إذا ارتفعت كليًا سيضعف موقف الجماعة وسيضطرها للانخراط في عمليات السلام".  وأشار الذهب في حديثه لـ"نيوزيمن" إلى أن: "عملية السلام مرتبطة بالدور الخارجي والعقيدة السياسية والدينية للجماعة، وموقف الخصوم منها، لكن المحرك الأكبر هي العقيدة السياسية للحوثيين".  وتابع: "إذا انخرط الحوثي بعملية سلام، فسيبحث عن القدر الأكبر من المكاسب بحيث يبقي على خصومه في مستوى ضعيف".

[عين الجنوب]

فيديو