مأزق الغرب في مواجهة تهديد الملاحة الدولية.. كيف أوقع الحوثي واشنطن في فخ "السلام"

السياسة - منذ 11 شهر

صورة جندي حوثي امام سفينة جلاكسي ليدر المحتجزة لدى مليشيا الحوثي بالبحر الأحمر عدن، عين الجنوب، عمار علي أحمد: مع تزايد هجمات مليشيات الحوثي، المدعومة إيرانياً، ضد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وباب المندب، تتزايد التساؤلات عن استمرار عجز واشنطن والغرب في التصدي لهذه الهجمات ووضع حد لها، على غرار ما جرى مع القرصنة بسواحل الصومال بالعقد الماضي. فالتهديدات الحوثية وهجماتها ضد السفن التجارية بالبحر الأحمر وباب المندب تهدد الملاحة الدولية على ممر مائي هام تعبر منها أكثر من 17 ألف سفينة تجارية سنوياً، وتجول فيه أيضاً عشرات القطع العسكرية لأمريكا ودول الغرب، كما تقع على أحد جانبيه قواعد عسكرية لها، ما يسهل من أي عملية للتصدي لهذه الهجمات. ورسمياً تقدم واشنطن والغرب تفسيراً واحداً في امتناعها عن الرد على هذه الهجمات بأنه خشية من توسع الصراع بالمنطقة على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن ما كشفته تقارير لصحف ووسائل إعلام أمريكية وأوروبية خلال الأيام الماضية يقدم سبباً آخر. حيث يخشى الغرب وتحديداً واشنطن من أن يتسبب أي رد عسكري على هجمات الحوثي ضد الملاحة الدولية في نسف الجهود الدولية والأممية والإقليمية المستمرة منذ ما يزيد عن عام للتوصل إلى اتفاق سلام دائم لوقف الحرب في اليمن، وسط تقارير عن قرب التوقيع على هذا الاتفاق خلال الأسابيع القادمة. حيث سبق وأن حذر مبعوث أمريكا لليمن تيم ليندركينغ، في أكتوبر الماضي، مليشيات الحوثي من أن هجماتهم وقرصنتهم البحرية ضد السفن التجارية تبدد جهود السلام، وهو ما تحاول واشنطن منع حدوثه لكونه سيشكل فضيحة مدوية لسياسات إدارة بايدن إذا حصل ذلك على يدها. فإدارة بايدن دشنت ولايتها مطلع عام 2021م بإلغاء قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصنيف جماعة الحوثي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية تحت مزاعم أن ذلك سيعمق الأزمة الإنسانية في اليمن، وأكدت إدارة بايدن بأنها ستضغط بقوة (على التحالف وخصوم الحوثي) لوقف الحرب في اليمن وإحلال السلام، وجرى تعيين ليندركينغ كمبعوث خاص لها لتحقيق ذلك. هذا التوجه الأمريكي نحو فرض "السلام" جاء تتويجاً للضغوط والابتزاز الذي مارسته واشنطن والغرب بوجه التحالف خلال سنوات حرب اليمن الثمان ضد انقلاب مليشيات الحوثي ومثَّل أحد الأسباب في إعاقة هزيمتها عسكرياً تحت لافتات عديدة أهمها الأزمة الإنسانية، دون الاكتراث لتحذيرات الحكومة الشرعية وخصوم الحوثي من خطورة التماهي مع الجماعة الحوثية ومشروع إيران الذي تنفذه في اليمن. وهو ما أكدته الهجمات التي نفذتها الجماعة ضد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وباب المندب، وباتت اليوم واشنطن عاجزة عن التصدي لها خشية من أن تتحمل مسئولية إفشال جهود السلام الذي رفعت رايته منذ سنتين، وخاصة بعد أن طلبت السعودية منها ذلك، بحسب تقرير لوكالة "رويترز". حيث كشفت الوكالة الأسبوع الماضي بأن الرياض وجهت إلى واشنطن رسالة ضبط النفس في مواجهة هجمات المليشيات الحوثية ضد الملاحة الدولية بهدف تجنب المزيد من التصعيد، وأشارت الوكالة بأن ذلك جاء ضمن رغبة الرياض في إنهاء ملف الحرب في اليمن. ويوم الثلاثاء، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن إدارة بايدن تقاوم تزايد الدعوات في مجلس الشيوخ الأمريكي بإعادة تصنيف الحوثيين كإرهابيين مع استمرار هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر. ونقلت الصحيفة عن "مسؤولين ودبلوماسيين غربيين" أن التصنيف سيعطل بدء المرحلة الأولى من خطة السلام المكونة من ثلاث مراحل والتي تم التفاوض عليها بين السعودية والحوثيين. مشيرين إلى أن تصنيف الحوثيين على أنهم جماعة إرهابية، سيؤدي إلى حظر الأموال التي كان من المقرر وضعها في البنوك لدفع رواتب الموظفين المدنيين، وهو مطلب رئيسي للحوثيين في المرحلة الأولى من خطة السلام، كما أن فتح أي موانئ بحرية أو مطارات خاضعة لهم لن يكون ممكناً، وبالتالي إبقاء الاقتصاد اليمني في حالة خراب. مأزق حقيقي تجد واشنطن نفسها اليوم عالقة فيه بعد أن صنعته بإياديها بسبب حساباتها الخاطئة أو الانتهازية للملف اليمني بالقفز على حقائق الحرب نحو وهم "السلام"، وهو مأزق تلعب عليه الجماعة الحوثية بشكل واضح في تصعيد لهجماتها ضد السفن التجارية محتمية بعجز الغرب عن الرد عليها في الوقت الراهن خوفاً من ضياع هذا الوهم.

عين الجنوب

فيديو