حضرموت حين تعود إلى قلب الجنوب… تستعيد قوتها ويستعيد الجنوب توازنه

تقارير - منذ 13 ساعة

عين الجنوب||خاص:
تبدو حضرموت اليوم في قلب لحظة تاريخية فارقة، لحظة تتقاطع فيها إرادة الناس مع متطلبات الاستقرار ومسار المستقبل. في ظل التحوّلات المتسارعة التي يشهدها الجنوب، باتت المحافظة الأكبر والأهم جغرافيًا واقتصاديًا أمام خيار واضح: الانخراط في الإجماع الجنوبي بوصفه المظلة الوحيدة القادرة على حماية إرادة أبنائها وضمان مكانتهم في أي معادلة قادمة.

لقد أثبتت السنوات الماضية أن حضرموت، رغم خصوصيتها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، لا يمكن أن تنعزل عن محيطها الجنوبي. فالتحديات التي تواجهها المحافظة ليست محليةً صِرفة، بل مرتبطة بملفات الأمن والموارد والتمثيل السياسي، وهي ملفات لا يمكن التعامل معها بجهد منفرد في بيئة إقليمية تموج بالاستقطابات. ومن هنا، يبرز التكامل مع الكيان الجنوبي الأوسع باعتباره خيارًا عقلانيًا قبل أن يكون موقفًا سياسيًا.

الواقع الميداني والاقتصادي يشير بوضوح إلى أن حضرموت دفعت ثمنًا باهظًا لمحاولات تفكيك صفوف الجنوب وإخراج المحافظة من معادلة القرار. فكلما انقسمت الرؤية، اتسعت مساحة الفوضى، وتضاعفت محاولات القوى المتضررة لإبقاء الوادي والساحل في حالة شد وجذب لا تنتهي. ومع ذلك، ظل أبناء حضرموت الطرف الأكثر تمسكًا بالاستقرار، والأقدر على قراءة الخرائط المتغيرة بوعي ومسؤولية.

اليوم، ومع بروز إجماع جنوبي واسع يتجه نحو بناء شراكة متوازنة وضمان تمثيل عادل لكل المحافظات، تبدو الفرصة سانحة أمام حضرموت لتثبيت موقعها بصوت واحد ورؤية موحدة. فالتكتل مع الجنوب ليس خطوة انفعالية ولا اصطفافًا فرضته الظروف، بل هو استجابة طبيعية لحقيقة ثابتة: أن أمن حضرموت مرتبط بأمن الجنوب، وأن قوتها السياسية تتضاعف عندما تتحدث من داخل مشروع وطني جنوبي واضح وراسخ.

لقد أثبتت التجارب أن حضرموت، بما تمتلكه من ثقل بشري وثروة وعمق تاريخي، ليست مجرد محافظة ضمن خارطة الجنوب، بل هي ركن رئيسي من أركان المعادلة. وما دام الجنوب يتشكل نحو وضع جديد، فإن حضرموت هي المفتاح الأكبر في هذا التشكيل. وهذا ما يجعل حضورها في الإجماع الجنوبي ليس مجرد خيار، بل ضرورة وطنية ملحّة لحماية القرار وتحصين الحق الجنوبي ومنع أي مشاريع التفتيت أو الالتفاف.

إن تكاتف حضرموت مع محيطها الجنوبي اليوم هو الطريق الأقصر نحو مستقبل آمن ومستقر. فبوجود رؤية مشتركة وقيادة موحدة وإرادة سياسية متماسكة، يمكن للمحافظة أن تنتقل من مرحلة الانتظار والترقب، إلى مرحلة الفعل والتأثير في صناعة مستقبل الجنوب كله، لا مستقبلها فقط.

فيديو