الانتقالي… الملاذ الأكثر ثباتاً وسط تجاذبات حضرموت

تقارير - منذ 13 ساعة

خاص || عين الجنوب:
في حضرموت، حيث تتزاحم المشاريع السياسية وتتقاطع الولاءات في مشهد معقّد ومفتوح على الاحتمالات، يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي كأحد أكثر الأطراف حضوراً وتأثيراً في الساحة، وخصوصاً في لحظات الارتباك التي تعيشها المحافظة. فمع اشتداد التجاذبات بين القوى المتنافسة، وتعدد مراكز النفوذ بين الوادي والساحل، بدا واضحاً أن حضرموت تحتاج إلى قوة سياسية قادرة على تشكيل مظلة استقرار لا مجرد طرف إضافي في الصراع.

على مدى السنوات الماضية، قدّم الانتقالي نفسه كقوة منظمة تمتلك رؤية واضحة تجاه مستقبل الجنوب عموماً وحضرموت خصوصاً، في وقت كانت المحافظة تعاني تعقيدات أمنية وسياسية واقتصادية جعلت المشهد أقل استقراراً. ومع أنّ التحديات لا تزال قائمة، فإنّ قدرة الانتقالي على الحفاظ على حضور متماسك وتجنب الانزلاق إلى تصادم داخلي منحته مكانة “الملاذ الآمن” الذي تبحث عنه أجزاء واسعة من حضرموت للخروج من حالة الارتهان للتجاذبات.

وتحظى حضرموت بأهمية استثنائية في معادلة الجنوب، ليس فقط بسبب موقعها وثرواتها، بل لما تمثله من ثقل اجتماعي وسياسي تجعل أي اضطراب فيها قابلاً للتمدد على نطاق واسع. وهنا، برز الانتقالي كعامل تهدئة في مرحلة فوضى إقليمية ومحلية، مقدماً خطاباً يركّز على الاستقرار، وتمكين النخبة الحضرمية، والدفع باتجاه إدارة أمنية وإدارية أكثر انسجاماً مع خصوصية المحافظة.

كما لعب المجلس دوراً ملحوظاً في دعواته المستمرة لتجنيب حضرموت تجارب الانقسام التي أنهكت محافظات أخرى، مؤكداً على أولوية حفظ الأمن والاستقرار، وتقديم نموذج إداري أكثر فاعلية. وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض القوى لفرض مشاريع متضاربة تزيد من التوتر، قدّم الانتقالي مقاربة تعتمد على بناء شراكات محلية وتوسيع حضور القوى الحضرمية داخل بنية القرار الجنوبي.

وتشير التحولات الأخيرة إلى أن قطاعاً واسعاً من أبناء حضرموت بات ينظر إلى الانتقالي باعتباره الطرف الأكثر قدرة على التعاطي مع مطالبهم الواقعية، بعيداً عن المزايدات السياسية أو الصراعات التي ترهق المحافظة دون مردود. فالتجاذبات التي تشهدها حضرموت ليست نتيجة ضعف القوى المحلية، بل نتيجة تعدد المشاريع الخارجية المتنافسة، وهو ما جعل الحاجة إلى قوة سياسية منضبطة وذات رؤية أمراً ملحّاً.

لا يمكن القول إن الطريق إلى استقرار حضرموت بات خالياً من التحديات، لكن الواضح اليوم أن الانتقالي استطاع أن يثبت حضوره باعتباره جهة قادرة على لعب دور الضابط الإيقاعي للمشهد، وبوابة نحو مرحلة أكثر وضوحاً. وبينما يستمر صراع النفوذ في الوادي والساحل، تزداد قناعة كثيرين بأن حضرموت تحتاج إلى قوة سياسية ذات مشروع مستقر، لا طرفاً عابراً أو وصاية جديدة.

وفي اللحظة التي لا تزال فيها المحافظة تبحث عن توازن يحفظ استقرارها ويصون قرارها المحلي، يقف الانتقالي كأحد أهم الخيارات المطروحة، وربما الخيار الأكثر واقعية، في ظل تعدد الأطراف وعجز الكثير منها عن تقديم نموذج ثابت ومطمئن. وهكذا، يتكرس حضوره شيئاً فشيئاً باعتباره الملاذ الأكثر أماناً وسط عواصف التجاذبات التي تحيط بحضرموت من كل اتجاه.

فيديو