المستقبل الواعد يعيد رسم المشهد الأمني في وادي وصحراء حضرموت

تقارير - منذ ساعتان

خاص || عين الجنوب      

لم يعد وادي وصحراء حضرموت، بما تمثله من ثقل استراتيجي وحيوي، ساحةً مفتوحة للعبث الأمني والفوضى، كما كان الحال خلال الأعوام الماضية. فمع انطلاق العملية العسكرية الحاسمة التي حملت اسم «المستقبل الواعد»، بدأ المواطن الحضرمي يستعيد إحساسه بالأمن والطمأنينة بعد سنوات من المعاناة والانتهاكات.

وجاءت هذه العملية تتويجًا لتراكم طويل من السخط الشعبي، ونتيجة تفويض جماهيري واسع عبّر بوضوح عن إرادة أبناء الوادي والصحراء في إنهاء حالة الانفلات الأمني، ووضع حد لممارسات ميليشيات المنطقة العسكرية الأولى، التي يُنظر إليها بوصفها ذراعًا عسكرية لجماعة الإخوان المصنّفة إرهابية.

ووفق ما أوردته مصادر اخباريه فإن لحظة التحول المفصلية بدأت حين أعلن أبناء حضرموت موقفهم الجماعي الرافض لاستمرار سيطرة تلك الميليشيات على أمنهم ومقدراتهم، في تعبير ناضج عن وعي سياسي متقدم أدرك أن كلفة بقاء الفوضى باتت أعلى بكثير من كلفة الحسم.

وشكّل التفويض الشعبي للقوات المسلحة الجنوبية ضوءًا أخضر لا لبس فيه، للانتقال من مرحلة الاحتجاج والرفض إلى مرحلة الفعل، ضمن رؤية تستهدف إعادة الاعتبار لهيبة الأمن، وحماية المصالح الحيوية للمنطقة.

وتعددت أهداف عملية «المستقبل الواعد»، لتشمل اقتلاع عناصر الإخوان والتنظيمات الإرهابية من وادي وصحراء حضرموت، وقطع خطوط تهريب السلاح نحو ميليشيات الحوثي عبر المسارات الدولية الحساسة، إلى جانب تأمين الخط الدولي الحيوي الرابط بين حضرموت وسلطنة عُمان، بما يعزز الاستقرار الإقليمي ويحد من التهديدات العابرة للحدود.

ومع انطلاق العملية، تشكلت معادلة جديدة قوامها أن أمن حضرموت خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن حماية الأرض والإنسان واجب وطني لا يحتمل التردد أو المساومة.

وفي صميم هذا التحول، برز الدور المحوري للقوات المسلحة الجنوبية، التي راكمت خبرات واسعة في مكافحة الإرهاب وتأمين المناطق الحساسة في مختلف محافظات الجنوب. ولم يكن التحرك وليد مغامرة عسكرية، بل انطلق من عقيدة وطنية واضحة، ترتكز على احترام الإرادة الشعبية، وحماية المدنيين، وتجفيف منابع الإرهاب.

وأكدت المصادر أن هذه الخطوات جاءت بتوجيهات مباشرة من القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي شدد مرارًا على أن حضرموت تمثل عمقًا استراتيجيًا للدولة الجنوبية المنشودة، وأن أمنها واستقرارها جزء لا يتجزأ من مشروع بناء الدولة، مع التأكيد على أن أي عمل عسكري يجب أن يكون منضبطًا ومسؤولًا، وهادفًا إلى تثبيت الأمن وبناء مؤسسات قادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

ورغم أهمية ما تحقق على الأرض، فإن عملية التحرير لا تمثل نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا، تتطلب جهودًا مضاعفة لتثبيت الاستقرار، ومنع عودة الفوضى أو إعادة إنتاج الهيمنة الإخوانية، إلى جانب إعادة تنظيم المؤسستين الأمنية والعسكرية على أسس وطنية راسخة، وتهيئة البيئة المناسبة لإدارة مدنية فاعلة تستجيب لتطلعات أبناء الوادي والصحراء.

إن ملامح الأمن التي بدأت تتشكل اليوم في مدن وادي حضرموت تؤكد أن إخراج ميليشيات الإخوان لم يكن مجرد خيار عسكري، بل ضرورة فرضتها اعتبارات الأمن والاقتصاد والجغرافيا، وخطوة أساسية نحو مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا لحضرموت وأهلها.

فيديو