هاني مسهور

لقد آن آوان فتح ملف اللاجئين بشجاعة

مقالات - منذ 1 ساعة

‏لطالما كان الجنوب العربي، بحكم موقعه الجغرافي وانفتاحه الإنساني، ملاذًا لمن ضاقت بهم الأرض من اليمنيين الفارين من ويلات الحروب، ومن اللاجئين القادمين من القرن الإفريقي عبر البحر. ليس جديدًا على هذه الأرض أن تُحسن الاستقبال، وتفتح أبوابها أمام الغريب، لكنها اليوم تدفع ثمن كرمها من قوت خدماتها.

فالجنوب، في واقعه الراهن، يرزح تحت عبء متراكم من الأزمات: كهرباء تنهار، صحة عاجزة، تعليم في غرفة الإنعاش… ثم يأتي ملف اللاجئين، ليزيد منسوب الضغط على الخدمات العامة، دون أن يكون لهذا العبء أي حضور يُذكر على طاولة النقاش الإقليمي أو الدولي.

كم هو عدد اللاجئين؟، لا أحد يملك رقمًا دقيقًا. لا توجد إحصاءات رسمية موثوقة، بل مؤشرات متفرقة ومصادر غير متسقة، لكنها جميعًا تشير إلى رقم مرتفع ومتزايد، يلامس حدود الخطر الديموغرافي والخدمي، ويطرح أسئلة شائكة حول الهوية، والاستيعاب، والمستقبل.

إن القضية الجنوبية، إذا ما أُريد لها أن تتقدّم بثبات نحو الحل، يجب أن تعترف بأن ملف اللاجئين ليس هامشًا إنسانيًا فقط، بل تحديًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. وإن الجنوب، وهو يمضي في مسيرته السياسية لاستعادة دولته، بحاجة إلى دعم إقليمي ودولي صريح يضمن له إدارة هذا الملف وفق رؤية عادلة تحفظ كرامة اللاجئ، ولا تُهدد تماسك النسيج الجنوبي، ولا تُرهق الخدمات المنهكة أصلًا.

لقد آن الأوان لفتح هذا الملف بشجاعة، ووضع استحقاق اللاجئين على رأس أولويات التسوية، لا أن يُترك الجنوب وحده في مواجهة استنزاف صامت، يكاد لا يشعر به أحد، إلا من يعيش في عدن، وحضرموت، وأبين، والمهرة، ولحج، وسقطرى… هناك، حيث الحقيقة لا تُكتب في التقارير، بل تُلمس في انقطاع الكهرباء، واكتظاظ المستشفيات، وضيق الفصول الدراسية.

إن الجنوب لا يرفض مسؤولياته الإنسانية، لكنه يرفض أن تُصبح هذه المسؤولية ذريعة لتجاهل استحقاقه الوطني.

فيديو