د.أمين العلياني

جنوبنا الحبيب من وعود التحرير إلى معركة التنوير

مقالات - منذ 3 ساعات

في يومٍ احتفى العالم بأسره بشبابه، كان للجنوب وقفته الباسلة، ووعده الصادق، حيث وقف الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي ليسجّل بحروف من نور عهداً جديداً لشباب الجنوب؛ عهداً لا يقف عند حدود الخطاب، بل ينطلق ليرسم على أرض الواقع ملامح مستقبلٍ زاهرٍ تنعكس أنواره على الأجيال القادمة.
ها هو الوعد يبدأ رحلته نحو التحقيق، فما كادت تمضي أيامٌ حتى انطلقت بشائر الخير من إمارات العطاء، لتمنح شباب الجنوب ذكوراً وإناثاً مائةَ منحةٍ دراسيةٍ نوعية، هي باكورة عهدٍ وعهدة، ومقدمة رحلةٍ طويلةٍ على درب التميُّز والبناء. هذه المنح ليست مجرّد مقاعدَ دراسية، بل هي استثمارٌ في العقل الجنوبي، وتكريسٌ لمسيرة التضحيات التي قدّمها الشهداء والجرحى، الذين وهبوا دماءهم زكيةً ليكون الجنوب حراً أبيّاً، قائماً على أسسٍ من العلم الرصين والثقافة الأصيلة.
إن هذا التوجّه النوعي نحو آفاق العلم والمعرفة ليس ترفاً فكرياً، بل هو ضرورة حتمية، وسُلَّمٌ ترتقي عليه الأمم، وهو السبيل الوحيد الذي يُبنى عليه الجنوب الجديد، الجنوب القوي باقتصاده، العزيز بأبنائه، المنيع بعلمائه ومختصِّيه. إنها المعركة الحقيقية التي يجب أن نخوضها بعد معركة التحرير؛ معركة التسلح بالمعرفة، والتنافس في ميادين الابتكار والإبداع.
ولا يزال الأمل يتجدّد، والوعد يمتدّ ليطال بقية الطامحين من أبناء الجنوب، الذين تنتظرهم فرصٌ مماثلةٌ بمجرّد اكتمال إجراءات سفرهم، تأكيداً على أنّ رحلة البعث العلمي لم تتوقّف، بل هي في بداياتها، تسير بثباتٍ وعزيمةٍ لا تلين.
إن ما يقوم به الرئيس الزبيدي وقادة الجنوب ليس مجرّد مبادرات، بل هو وفاءٌ بوعد، وترجمةٌ حيّة لشعار “الشباب عماد الدولة”، فهم يستحضرون بإخلاصٍ إرثاً حضارياً عريقاً عرفته أرض الجنوب على مرّ العصور، حيث كانت حضرموت وموانئها العلمية شواهدَ على أنّ هذه الأرض لم تنجب إلا العظماء والعلماء.
فلهؤلاء الشباب المنطلقين نحو آفاق العلم، نقول: أنتم حملة المشروع النهضوي، وأنتم جسر الجنوب إلى المستقبل، فاحملوا بأمانةٍ رسالةَ الأرض والتضحيات، واجعلوا من علمكم سلاحاً لبناء الوطن، ومن تخصّصكم حصناً منيعاً يردّ أيَّ اعتداءٍ على مكتسبات هذه الأرض الطيبة.
وإنه لعهدٌ نرى فيه بصيصَ أملٍ يشرق على سماء الجنوب، عهدٌ نرفع فيه القبعة إجلالاً لكلّ من ساهم في صناعته، ونعاهد قادتنا على أننا سنكون كما أرادونا.. سواعدَ تبني، وعقولاً تُفكّر، وقلوباً تخفق بحبّ هذه الأرض، حتى نعود كما أرادنا التاريخ.. جنوباً عزيزاً، شامخاً، ينبض بالحياة.

فيديو