بين معاناة الشعب السوري وصبره على حكومة الأسد ومآلات الشعب الجنوبي في ظل فشل حكومة العليمي.

السياسة - منذ يومان

عين الجنوب | تقرير - خاص

الشعوب التي تعاني من الحرمان الاقتصادي والاجتماعي، غالباً ما تظهر قدرتها على الصبر والتحمل في مواجهة الأزمات، لكنها في نهاية المطاف تبحث عن خلاص يحقق العدالة والكرامة. هذا ما شهدناه في سوريا حيث تحمل الشعب السوري سنوات طويلة من القمع السياسي والتدهور الاقتصادي والاجتماعي، حتى وصل إلى لحظة مفصلية تحرر فيها من قيود النظام الذي لم يخدم الشعب.

وفي الجنوب، تبدو الصورة مشابهة. يعاني الشعب الجنوبي من الفشل المتكرر للحكومة المفروضة التي عجزت عن تقديم حلول حقيقية للأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة. ومع استمرار هذا الوضع، يبدو أن الشعب الجنوبي يقترب من لحظة حاسمة قد تتجلى في ثورة جديدة تهدف إلى استعادة دولته الديمقراطية المستقلة وبناء اقتصاد قوي يليق بالإمكانات والموارد التي يتمتع بها الجنوب.

طوال سنوات طويلة، عانى الشعب السوري من نظام حكم أرهقه اقتصادياً واجتماعياً، حيث هيمن الفساد والمحسوبية على مؤسسات الدولة، وانهارت البنية الاقتصادية. رغم ذلك، صبر الشعب السوري وعمل على الحفاظ على مقاومته في وجه الوضع، حتى شهد تغييرات جذرية تمهد لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة.

التجربة السورية أثبتت أن الشعوب لا يمكنها أن تستمر إلى ما لا نهاية في حالة القبول بالوضع الراهن، خصوصاً عندما تصبح الحقوق الأساسية مثل الحياة الكريمة والحرية والعدالة للشعوب مهددة. يبدو أن الجنوب يشهد وضعاً مشابهاً في ظل فشل الحكومة المقترف فيها دولياً، والتي لم تتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجات الشعب. الاقتصاد في الجنوب يعاني من ركود خانق، والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والتعليم في حالة تدهور مستمر. إلى جانب ذلك، تواجه المؤسسات الحكومية فساداً عميقاً وغياباً لأي رؤية تنموية ومسؤولة حقيقية.

هذا الواقع يعكس إخفاق الحكومة ليس فقط في إدارة الشأن العام، بل في بناء أي نوع من الثقة مع الشعب الجنوبي، الذي يشعر أنه يدفع ثمن صراعات سياسية لا تخدم مصلحته، خاصة في ظل ربط مصيره بوضع المنطقة المنقسمة أساساً.

فالبرغم أن الجنوب يمتلك إمكانات اقتصادية هائلة، بدءاً من الموارد الى الموقع الإستراتيجي، لكن، لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من استغلال هذه الإمكانات لتحسين الوضع الاقتصادي أو تحقيق الاستقرار.

في المقابل، فإن استمرار هذه السياسات الفاشلة يزيد من إحباط الشعب الجنوبي ويدفعه للتفكير في خيارات أخرى لاستعادة حقوقه وبناء دولة ديمقراطية قادرة على تحقيق تطلعاته.

فكما هو الحال مع الشعب السوري، يبدو أن الشعب الجنوبي قد استنفد صبره على الوضع الراهن. المطالبات السلمية التي بدأت منذ سنوات والضغط الشعبي الحالي لم تؤدِ إلى أي تغييرات ملموسة، بينما تستمر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في التفاقم.

إذا استمر هذا الوضع، فإن التاريخ قدم أمثلة كثيرة، حيث سيضطر الشعب الجنوبي إلى القيام بثورة شاملة، ليس فقط لإنهاء الفشل الحكومي، ولكن لاستعادة دولته المستقلة وبناء نموذج جديد من الحكم يركز على الديمقراطية والتنمية الاقتصادية.

الشعب الجنوبي يمتلك كل المقومات لتحقيق هذا التحول. فقد أظهر عبر تاريخه قدرة كبيرة على التنظيم والعمل المشترك لتحقيق أهدافه منذ ثورة الرابع عشر من إكتوبر، وإذا نجحت هذه الثورة التي يبدو أنها تفرضها الممارسات الحكومية الحالية، فإن الجنوب يمكن أن يتحول إلى نموذج ناجح لدولة ديمقراطية واقتصادية تستغل مواردها لصالح شعبها.

لذا على المجتمع الدولي والقوى الإقليمية أن تدرك أن استمرار الفشل في معالجة قضايا شعب الجنوب لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات وزيادة التوترات. تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة لن يكون ممكناً دون الاعتراف بحقوق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة.

التجربة السورية تقدم درساً مهماً وهو أن الشعوب قد تصبر لفترة، لكنها في النهاية لن تتخلى عن حقوقها. الشعب الجنوبي ليس استثناءاً، وبإمكانه أن يكون ركيزة للاستقرار والتنمية في المنطقة إذا تم احترام حقوقه وتطلعاته المشروعة، فهل من مجيب أم أن الشعب الجنوبي سيضطر الى فرض مساره المشروع في القريب العاجل كما فعلت قوات المعارضة المسلحة لتحقيق تطلعات الشعب السوري!

فيديو