مسؤولية تأمين البحر الأحمر، مسؤولية محلية ودولية

تقارير - منذ 3 شهر

ضرورة الإستثمار في دعم القوات الجنوبية لتعزيز إستقرار وآمن المنطقة والإقليم


عين الجنوب | تقرير -خاص


في تطور جديد يُبرز خطورة التهديدات الأمنية التي تمثلها شبكات التهريب، تمكنت دورية بحرية تابعة للحملة الأمنية المشتركة من إحباط عملية تهريب كبيرة لمواد متفجرة وصواعق وفتائل تفجير كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي. القارب، الذي تم رصده بالقرب من مضيق باب المندب، كان يحمل حاويات من مواد شديدة الخطورة تُستخدم في صناعة الطائرات المسيرة والصواريخ والعبوات الناسفة، وهو ما يسلط الضوء على الحاجة الماسة لتكثيف الجهود الإقليمية والدولية لدعم القوات الجنوبية التي تقود معارك يومية لتأمين الممرات المائية الدولية وحماية الأمن الإقليمي.


هذه العملية ليست الأولى من نوعها، حيث سبق وأن ضبطت قوات الحملة الأمنية قارباً آخر محملاً بشحنة ذخائر وقذائف بالقرب من رأس العارة، ما يشير إلى تصاعد عمليات التهريب التي تستهدف تعزيز قدرات الحوثيين العسكرية. باب المندب، باعتباره أحد أهم الممرات المائية في العالم، يُعد هدفاً استراتيجياً لهذه الأنشطة غير المشروعة، ما يعكس خطورة الوضع ويجعل من الضروري التكاتف لدعم القوات الجنوبية التي تقف في الخطوط الأمامية لهذه المواجهة.

الميليشيات الحوثية، التي تسعى جاهدة لتطوير قدراتها الهجومية باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، أصبحت تهديداً ليس فقط للجنوب، بل لدول المنطقة والعالم بأسره. استخدام هذه التكنولوجيا، المدعومة بمواد تُهرب عبر البحر الأحمر، مكّن الحوثيين من شن هجمات على البنية التحتية الحيوية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بل وصل الأمر إلى استهداف الملاحة الدولية، مما يهدد بشكل مباشر تدفق التجارة العالمية عبر البحر الأحمر. هذه التهديدات تجعل من الضروري أن يتحمل المجتمع الإقليمي والدولي مسؤولياته لدعم الجهود الرامية إلى تأمين المنطقة.

القوات الجنوبية، وفي مقدمتها قوات العمالقة الجنوبية، أثبتت قدرتها على التصدي لهذه التهديدات من خلال عمليات نوعية تُظهر احترافية عالية في رصد التهديدات والتعامل معها. ومع ذلك، فإن مواجهة شبكات التهريب المتطورة والمدعومة من قوى إقليمية، مثل إيران، تتطلب استثمارات أكبر في القدرات الأمنية والاستخباراتية لهذه القوات. الدعم الدولي ليس فقط ضرورياً، بل أصبح حتمياً لضمان استقرار المنطقة وحماية الممرات المائية الحيوية التي تمر عبرها نسبة كبيرة من التجارة العالمية.

المجتمع الدولي بحاجة إلى إدراك أن استقرار المناطق الجنوبية يشكل حجر الزاوية في أمن البحر الأحمر والمحيط الهندي. دعم القوات الجنوبية يجب أن يكون متعدد الأبعاد، يشمل توفير المعدات الحديثة، التدريب المتخصص، والدعم الاستخباراتي لمساعدتها في التصدي لشبكات التهريب. هذه القوات ليست فقط درعاً للمنطقة، بل هي أيضاً خط الدفاع الأول ضد التهديدات التي تطال الإقليم بأسره.

على المستوى الإقليمي، يمكن لدول التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات، أن تلعب دوراً أكبر في تعزيز قدرات القوات الجنوبية. هذا يشمل إنشاء مراكز تدريب متقدمة، وتزويد القوات بأنظمة مراقبة بحرية متطورة، وتقديم دعم مالي ولوجستي مستمر. أما على المستوى الدولي، فإن مشاركة القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، يجب أن تتجاوز مجرد الإدانة إلى تقديم دعم فعلي، من خلال برامج تسليح متطورة ودعم دبلوماسي لحشد الجهود ضد الأنشطة الإيرانية التخريبية التي تغذي الصراع في المنطقة.

المعركة ليست مجرد حرب عادية، بل هي صراع ذو أبعاد إقليمية ودولية. الحوثيون، الذين يحصلون على دعم مباشر من إيران، بل حتى روسيا، أصبحوا أداة لزعزعة استقرار المنطقة وتنفيذ أجندات خارجية تهدف إلى تهديد الملاحة الدولية والسيطرة على الممرات المائية الحيوية. هذا الواقع يفرض على المجتمع الدولي أن ينظر إلى دعم القوات الجنوبية كاستثمار طويل الأمد في أمن واستقرار المنطقة والعالم.

في ظل هذا المشهد المعقد، يجب أن تكون هناك استراتيجية شاملة تتبناها الدول المعنية لمواجهة التهديد الحوثي. هذه الاستراتيجية يجب أن تشمل التعاون الاستخباراتي، تعزيز القدرات الدفاعية للقوات المحلية، وضمان وجود دولي دائم في البحر الأحمر لضمان حماية الممرات المائية. كما يجب أن يكون هناك تنسيق دبلوماسي لإدانة الأنشطة التخريبية لإيران وتحميلها المسؤولية عن تهديد أمن المنطقة.

القوات الجنوبية أثبتت أنها شريك موثوق في حماية الأمن الإقليمي، لكن هذا الشريك يحتاج إلى دعم أكبر ليتمكن من مواجهة التحديات المتزايدة. المجتمع الدولي مطالب بالتحرك بشكل عاجل لتقديم هذا الدعم، لأن الفشل في مواجهة التهديدات الحوثية لن يقتصر أثره على المنطقة فقط، بل سيمتد ليشمل العالم بأسره. الاستثمار في دعم القوات الجنوبية ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لضمان مستقبل آمن ومستقر للجميع.

فيديو