سياسة الإحتلال اليمني والهيمنة نهج قوى الشمال

تقارير - منذ 15 يوم

عين الجنوب | تقرير - خاص

في الجنوب، حيث الأطلال تتحدث بلغة الصمت، والأرض التي كانت يوماً دولة ذات سيادة تتحول الى ساحة لتنفيذ أجندة القوى الطامعة فيه. وهي قصة لا تُروى غالباً. قصة عن طمع وجشع، وعداء متجذر، وسياسة ممنهجة تهدف إلى إبقاء الجنوب في حالة ضعف دائم. قد تبدو هذه النظرة مجرد تشاؤم لدى البعض، والحقيقة أنها واقع يعيشه الجنوبيون كل يوم، واقع تخطط له وتنفذه قوى شمالية، رسمية كانت أم غير رسمية، بكل دقة وخبث.

سياسة إضعاف شعب الجنوب هو سياسة ملاحظة على أرض الواقع تتبناها القوى الشمالية وتعمل بلا كلل لتنفيذها. هذه القوى تعتقد أن إبقاء الجنوب في حالة من الفوضى والانهيار هو السبيل الوحيد لإسكات صوت الجنوبيين، ومنعهم من المطالبة بحقوقهم أو استعادة دولتهم. الإضعاف هنا هو مخطط دقيق، حيث يتم توجيه الضربات إلى البنية التحتية، والاقتصاد، وحتى النسيج الاجتماعي.

كلما بدأت بوادر تنمية تظهر في الجنوب، كلما سارعت هذه القوى إلى إفشالها. سواء كان ذلك عبر دعم الفصائل الموالية لها، أو عبر إثارة الفتن الداخلية، أو حتى عبر قطع المساعدات الدولية. والهدف معروف وهو إبقاء الجنوب في حالة من التبعية المطلقة، حيث يصبح الحديث عن الاستقلال مجرد هدف بعيد المنال.

وأكثر ما يلفت الانتباه هو رد فعل هذه القوى كلما سمعت عن خطوة جنوبية، نحو البناء والتمكين. يبدو أن مجرد الحديث عن تنمية أو إعادة إعمار يصيبهم بالجنون. لماذا؟ لأنهم يعلمون أن أي تحسن في الأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية في الجنوب سيعني حتماً عودة دولة الجنوب العربي.

لقد رأيناهم يخرجون عن طورهم كلما بدأت مشاريع صغيرة تظهر في الجنوب. مشاريع مثل تشييد الطرق، أو إعادة تأهيل المدارس، أو حتى تحسين الخدمات الأساسية. هذه المشاريع، التي تبدو بسيطة، تُعتبر تهديداً وجودياً لهم. لأنها تعني أن الجنوب بدأ يستعيد بعضاً من قوته، وأن الجنوبيين بدأوا يتنفسون هواء الحرية.

لكن ما الذي يدفع هذه القوى إلى تبني مثل هذه السياسة العدائية؟ الجواب يكمن في الأطماع الذي تحمله تجاه موارد الجنوب. هذا الطمع العميق، هو نتاج عقود من الحروب والدمار. الجنوب، بموارده المختلفة وموقعه الاستراتيجي، كان دائماً مصدر للإستغلال والنهب لهذه القوى.

هذا الحقد يتجلى في أبسط التفاصيل. في الطريقة التي يتم بها التعامل مع الجنوبيين، في الإهمال المتعمد للخدمات الأساسية، في التهميش الاقتصادي، وحتى في الخطاب الإعلامي الذي يحاول تصوير الجنوبيين كأعداء أو كأقلية لا تستحق العيش بكرامة.

هذه السياسات العدائية جعلت شعب الجنوب يجد نفسه بين مطرقة التآمر المدبر وسندان الطمع العميق للنخب الشمالية. لكن هذا لا يعني أن الجنوبيين قد استسلموا. على العكس، فإن كل خطوة نحو التنمية، وكل مشروع صغير يهدف إلى تحسين الحياة، وكل تحرك نحو فرض السيطرة الجنوبية هو بمثابة تحد لهذه السياسة العدائية.

الجنوبيون يعلمون أن الطريق مليء بالعقبات التي تصنعها هذه السياسات الخفية، لكنهم أيضاً يعلمون أن الظلم لن يدوم إلى الأبد. لأن الأرض التي تحمل في طياتها تاريخاً عريقاً، وشعباً عانى كثيراً، لا بد أن تشرق عليها شمس الحرية يوماً ما. وعندها، سيكون مكرهم مجرد ذكرى من الماضي، وستعود دولة الجنوب العربية قوية، ومزدهره بل وأفضل مما كانت عليه قبل وحدة الإقصاء والتهميش والإلحاق القسري.

فيديو