نستلهم منهم نضال شعب وقضية وطن

تقارير - منذ 12 يوم

الذكرى الـ58 للشهيد الجنوبي 

عين الجنوب | تقرير - خاص


عندما نتدارس قضية شعب الجنوب وتضحياته نستحضر تلك اللحظات الوطنية التي امتزجت فيها الأرض بالدماء، والجبال بصيحات المقاتلين، والطرقات بأقدام جنود بواسل لم يعرفوا التراجع يوماً. في شتى ومختلف بقاع أرض الجنوب، ساحات شهدت أعظم التضحيات، وأكدت أن الجنوب ليس جغرافيا، بل وطن وشعب وتاريخ تم فرض عليه أن يصنع مجده وإستقلاله بالكفاح والتاريخ والنار التي تخرج من فوهات البنادق مطلقة شرارات فجر الحرية والإستقلال. فلطالما كان شعب الجنوب في جوهره هو قصة كفاح طويلة، كتبها رجال حملوا السلاح لا حباً في الحرب، بل دفاعاً عن الأرض عن الحياة عن التاريخ عن الحرية والكرامة. جيل بعد جيل، لم يكن هناك خيار سوى المقاومة، ولم يكن هناك طريق إلا ذلك الذي عُبد بدماء الشهداء. هذه الذكرى السنوية تعيد تذكير الجميع بأن شعب الجنوب ما زال في معركة مفتوحة، وأن كل سقوط لشهيد هو امتداد لمسيرة طويلة بدأت منذ عصر الإمبريالية القديمة ولم تنته بعد. فالواقع الحالي لا يحتاج إلى الكثير من الكلمات. الجبهات ما زالت مشتعلة، والحرب لم تضع أوزارها. في أبين، لازال صوت المعارك يتردد على حدودها. في الضالع، حيث لا تزال البندقية في أيديهم، والراية فوق رؤوسهم. في لحج، من كرش إلى طور الباحة، لا تزال الأرواح مرابطة تنتظر لحظة الحسم وإعادة برميل الشريجة. في شبوة، بين نصاب وجردان وميفعة، هناك أبطال آمنوا أن التحرير لا يأتي بلا ثمن. وعلى امتداد جبهات القتال حيث الهوية مهددة، والمصير معلق بين الإرادة الجنوبية والتحديات التي تتربص بها.  

ثمانية وخمسون عاماً من الكفاح، والمشهد هو ذاته. رجال يقاتلون على كافة الأصعدة والمستويات، وأطماع تحاصر الجنوب، وحكومة غارقة في نزواتها، وواقع اقتصادي يزداد سوءاً. شعب الجنوب لا يطلب ما لا يملك، ولا يبحث عن معارك لا تهدف الى إستعادة دولته، لكنه يؤمن بأنه لم يعد ذلك الذي يمكن تجاهله أو القفز فوق قضيته. في هذه الذكرى، تتجه الأنظال حول المراقبين الصامتين الذين راهنوا على إختبار صمود شعب الجنوب وتضحياته وفي نظرة لا تخلوا من الغضب والإستغراب؛ يتساءل كل جنوبي يريد إستعادة وطنه وأرضه ودولته؛ متى سيتم وقف إراقة هذه الدماء الجنوبية ومتى سيتحقق الاستقرار الذي لطالما تغنت به كل الأطراف؟ وإلى متى ستظل الأرواح تُزهق دون حلول تليق بهذا الكم من الدماء الجنوبية التي أمتدت حتى خارج حدوده؟ وبالرغم ستظل دماء شهداء الجنوب هي خير دليل على أن الطريق لم ينته بعد. مع كل روح تزهق، يزداد شعب الجنوب إصراراً على استعادة حقه في تقرير مصيره. ربما قد تتغير التحالفات، وقد تتبدل المعادلات، لكن الثابت الوحيد هو أن هناك قضية لم تنته، وحقاً لم يُسترد بعد وشعب لا زال يكافح.

الوفاء الحقيقي للشهداء هو السير في الطريق الذي مضوا فيه، ومواصلة الدفاع عن الجنوب، والتمسك بالثوابت الوطنية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. الأرواح التي أزهقت والدماء التي سالت هي شهادة حية على أن أرض الجنوب لن تكون إلا في يد شعبه وأن قضية الشهداء ستظل أمانة في أعناق الجميع حتى يتحقق النصر المنشود لشعب أبى الا أن يعيش حراً متسيداً على قراره في أرضه من باب المندب الى المهرة وطن كامل السيادة.

فيديو