التخادم الإخواني الحوثي في صناعة الأزمات واستغلالها

تقارير - منذ 11 يوم

محاولات إخوانية لزعزعة الآمن وإثارة الفوضى في الجنوب

عين الجنوب | تقرير - خاص

لطالما كان الجنوب مسرحاً للصراعات بين الطامعين والمتمسكين بالحق الوطني هذا المشهد المليء بالتناقضات والتقلبات، يظهر تخادم أصبح أكثر جلاءاً بين جماعة الحوثيين وحزب الإصلاح (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن)، وهو تحالف يتجاوز التناقضات الأيديولوجية بين الطرفين ليشكل مصلحة مشتركة تقوم على زعزعة الاستقرار في الجنوب، وإبقاء البلاد في حالة من الفوضى التي تسمح لهما بالحفاظ على نفوذهما وتعزيز أجنداتهما. قد يبدو هذا التحالف غير منطقي للبعض، إذ أن الحوثيين والإخوان المسلمين خاضوا صراعات لكن في الواقع، المصالح السياسية والعسكرية التي تجمعهما باتت واضحة من خلال تحركات ميدانية وإعلامية منسقة تهدف إلى إضعاف المجلس الانتقالي الجنوبي ومطالب شعبه في استقلال الجنوب.

التعاون بين الحوثيين والإخوان لا يأتي بصيغة اتفاق رسمي بالمعنى الحرفي لكنه يتجسد في عدة مستويات، منها التخادم العسكري، الإعلامي، والاستخباراتي، حيث يستفيد كل طرف من الآخر في تحقيق أهدافه على الأرض، خصوصاً محافظات الجنوب التي تسعى المليشيات الحوثية إلى اختراقها وزعزعة استقرارها، فيما يعمل حزب الإصلاح على إطالة أمد الفوضى لضمان بقائه كطرف مؤثر في المعادلة السياسية.  

في الفترة الأخيرة، ظهرت دلائل كثيرة على أن عناصر مسلحة مدعومة من الحوثيين تعمل في الجنوب عبر واجهات إخوانية. في لحج، اليوم، ضبطت قوات الحزام الأمني عناصر مسلحة مندسة وسط المظاهرات، لها صلات مباشرة بالمليشيات الحوثية. هذه العناصر تحاول تأجيج الشارع وافتعال أعمال عنف بهدف خلق حالة من عدم الاستقرار، وهو نفس السيناريو الذي صنعته ثورة توكل وظهور الجماعات الإرهابية بشكل فظيع بعد 2011.

الإخوان بدورهم يسهلون هذه العمليات عبر توفير الغطاء السياسي والإعلامي لها، حيث يروجون لروايات مضللة حول (ثورة شعبية) أو (انتفاضة ضد التحالف والانتقالي)، بينما الحقيقة أن هذه التحركات موجهة لإضعاف القوات الجنوبية بشكل رئيسي وتشتيت جهودها، وإعطاء الحوثيين فرصة لاستعادة السيطرة على بعض المناطق الاستراتيجية. وفي الجانب الآخر هناك الإعلام الإخواني، عبر منصات رسمية او مزيفة مثل كتائب الذباب الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي، يعمل بشكل متواز مع الإعلام الحوثي في الترويج لروايات مضللة تهدف إلى إستغباء الشعب الجنوبي. ففي الوقت الذي يهاجم فيه الإخوان التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي، نجد الإعلام الحوثي يردد نفس الخطاب مع التركيز على شيطنة أي تحركات جنوبية تهدف لتعزيز الأمن والاستقرار.  

الأمثلة على هذا التخادم الإعلامي كثيرة، فعند تنفيذ القوات الجنوبية عمليات أمنية ضد الخلايا الإرهابية، يسارع الإعلام الإخواني إلى تصويرها مستخدماً التضليل الإعلامي على أنها انتهاكات، بينما في الحقيقة هي عمليات استباقية لإفشال مخططات تخريبية. وفي المقابل، حينما يشن الحوثيون هجمات ضد الجنوب، يتجاهل الإعلام الإخواني ذلك أو يحاول التقليل من خطورته.
 
سياسياً، يسعى الطرفان إلى تعطيل أي محاولات للوصول إلى حلول تساهم في تحقيق الاستقرار. فعلى الرغم من أن حزب الإصلاح يتظاهر بالانتماء إلى (الشرعية) إلا أنه في الواقع يمتلك إدارة منفصلة وقرار في الحكومة يفرض أجنداته عبر شبكاته الداخلية، بل وذهب إلى حد التنسيق مع الحوثيين في بعض الجبهات لتمرير انسحابات مشبوهة، كما حدث في شبوة.

الحوثيون بدورهم يدركون أن استمرار نفوذ حزب الإصلاح داخل الشرعية يخدم أجندتهم، حيث يؤدي إلى إضعاف المعسكر الحقيقي المناهض لهم ممثل بالمجلس الإنتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية وتشتيت التحالف العربي، وخلق خلافات داخلية بين الأطراف المناهضة للمشروع الإيراني في المنطقة. لذلك، يحرص الطرفان على إبقاء حالة الصراع بين القوى المناوئة لهما مستمرة، حتى يتمكنا من تحقيق مكاسب أكبر على الأرض.

ومن منطلق أمني ووطني يجب التنبه والحيطة الإستباقية من هذه المخططات التخريبية والمزعزعة حيث يجب على الجميع أن يدرك خفايا مساعي كل من الإخوان والحوثيين الهادفة الى إضعاف الجنوب. كلا الطرفان يؤمنون أن قيام دولة جنوبية مستقلة سيحرم كليهما من النفوذ في الجنوب العربي لذلك يعملان بنشاط على إطالة أمد الصراع لتحقيق مكاسب سياسة، فكلما استمرت الفوضى، كلما تمكن الطرفان من توسيع نفوذهما وإعادة ترتيب أوراقهما. ولعل الأكثر خطورة هو استنزاف القوات الجنوبية والتحالف العربي عبر خلق أزمات وجبهات داخلية مفتعلة، فكلاهما لا يتوانبان في محاولاتهم لإثارة الفوضى في الجنوب.

هذا التخادم الغير المعلن هو استراتيجية مستمرة تهدف إلى زعزعة الاستقرار في الجنوب، وإبقاء المنطقة في حالة من الفوضى، وتمكين القوى المعادية للمشروع الوطني الجنوبي من البقاء في المشهد. التصدي لهذا التخادم يتطلب وعي جنوبي شعبي عالي جداً وجهود أمنية فاعلة مع خطوات عملية تضمن إفشال هذه المخططات المدمرة التي انتهجها حزب الإصلاح في كل منعطف وأزمة حتى في الشمال إبان حكم المؤتمر الشعبي العام.

فيديو