تنظيم القاعدة النفوذ، التحالفات، والإرتباطات مع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن

السياسة - منذ 8 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص:

في ظل إستغلال تنظيم القاعدة لأي فراغ في الدولة وبروزه خاصة بعد ثورة الإخوان في 2011 كشفت تقارير حول مركز عمليات التنظيم حيث تعد مأرب التي يسيطر عليها حزب الإصلاح أحد أهم بؤر نشاط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وفيها وجد التنظيم بيئة خصبة للنمو في ظل النزاعات المسلحة وضعف الدولة. تبرز محافظة مأرب كواحدة من المناطق التي حظيت بأهمية استراتيجية لتنظيم القاعدة، نظراً لموقعها الجغرافي المحاذي لشبوة والبيضاء والتي توفر ملاذ آمن للعناصر الإرهابية. في السنوات الأخيرة، ظهرت مزاعم وتقارير عن ارتباطات بين تنظيم القاعدة وحزب التجمع اليمني للإصلاح (المعروف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين)

الخلفية التاريخية لتنظيم القاعدة قديمة، بالرغم من ظهوره بشكل نشط بعد أحداث 2011 إلا أن التقارير أشارت الى ظهوره في أوائل التسعينيات عندما عاد المجاهدون الذين شاركوا في الحرب الأفغانية إلى اليمن. استخدم التنظيم المناطق القبلية النائية كمراكز تدريب وانطلاق لعملياته، واستفاد من النزاعات الداخلية لتعزيز نفوذه، حيث تم إستقطاب قادة قبائل وأفراد في مأرب شبوة أبين عدن حضرموت والبيضاء عبر مراكز نشطت في مختلف المحافظات بما فيها صنعاء التي دمجت أسر عريقة في صفوفها مثل آسرة الذهب. مأرب، باعتبارها معقل قبلي مهم، كانت معقل هذا النشاط. كانت المحافظة، ولا تزال، تشهد حضور واضح لعناصر القاعدة الذين استغلوا حالة الفوضى الأمنية في البلاد، خاصة بعد عام 2011 عندما ضعفت الدولة المركزية عقب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس علي عبدالله صالح.

وفي ظل غياب سيطرة حكومية قوية، أصبحت بعض المناطق في مأرب، مثل وادي عبيدة، قرية الخثلة الفقراء في مديرية الجوبة، التي تعتبر مأوى آمن لقيادات التنظيم. ومراكز تجمع لعناصر القاعدة. تقارير أمنية كشفت عن وجود معسكرات تدريبية في هذه المناطق، إلى جانب عمليات تجنيد مستمرة يقوم بها التنظيم بين الشباب المحليين. كما أشارت تقارير استخباراتية إلى أن القاعدة استغلت الصراع بين الحكومة والحوثيين لبسط نفوذها وتوسيع نشاطها العملياتي في 2015، حيث تركز توسع الحوثيين على المحافظات الغربية من اليمن بينما التنظيم توسع في المحافظات الشرقية مثل أبين شبوة وحضرموت.

وفيه برزت مزاعم حول وجود علاقات وثيقة بين حزب التجمع اليمني للإصلاح وتنظيم القاعدة، خاصة في سياق الحرب ضد الحوثيين. في عام 2017، أدلى زعيم تنظيم القاعدة في اليمن، قاسم الريمي، بتصريحات تشير إلى تعاون التنظيم مع الإخوان المسلمين. كما تحدثت تقارير عن قيام شخصيات إصلاحية بتقديم تسهيلات لعناصر التنظيم في مناطق نفوذهم، خصوصاً في مأرب. قاسم الريمي يعتبر من مواليد البيضاء المحادة لمأرب حُكم عليه بالسجن خمسة أعوام في 2005 بعد إدانته في اليمن بتهمة التخطيط لاغتيال سفير الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن، إلا أنه فر من السجن في عام 2006 بصحبة ناصر الوحيشي، في 2007 أعلن الريمي والوحيشي ظهور تنظيم القاعدة في اليمن، وأبرز المعارك التي خاضها كانت معركة أبين 2012، حرب 2015، معركة المكلا 2015 و 2016، نزاع أبين 2016-2018.

على الجانب الآخر، ينفي حزب الإصلاح ارتباطه بتنظيم القاعدة،. لكن تقارير دولية، منها تقارير صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، أشارت إلى وجود شخصيات مرتبطة بالإصلاح تم تصنيفها على قوائم الإرهاب بسبب دعمها المادي واللوجستي لعناصر القاعدة. حيث تلعب القبائل في مأرب دور محوري في تحديد طبيعة العلاقة بين القاعدة والقوى المحلية. بعض القبائل اختارت التعاون مع التنظيم لأسباب متعددة، منها المصالح المشتركة او التوجه السياسي أو الحماية المتبادلة كما حصل لأسرة آل الذهب في البيضاء التي جندها التنظيم في صنعاء. بينما فضلت قبائل أخرى دعم الدولة في حربها ضد الإرهاب. هذا التباين في المواقف جعل من مأرب ساحة غامضة للصراعات الداخلية، حيث تتداخل المصالح القبلية مع الأجندات السياسية والدينية.

اهم العوامل التي ساهمت في توسع نشاط القاعدة في مأرب كان الفراغ الأمني بعد ثورة فبراير حيث تسببت الحرب المستمرة في انهيار الأجهزة الأمنية، ما أتاح فرصة لعناصر القاعدة للتحرك بحرية في بعض المناطق مدفوعة بأجنده سياسية وإقتصادية وإيديلوجية فمن الجانب الإقتصادي تركزت أنشطة التنظيم في مناطق إستراتيحية مثل عدن بعد تحريرها في 2015، شبوة أبين حضرموت. حيث وفرت مأرب بالإضافة الى البيضاء بيئة جغرافية مثالية لعمليات التنظيم، مما يجعل من الصعب على القوات الحكومية استهداف معسكراته، خاصة في ظل تعاون بعض الشخصيات في حماية قيادات في التنظيم. كما يُعتقد أن القاعدة في مأرب تحصل على تمويل من مصادر متعددة، بعضها مرتبط بشبكات تهريب، والبعض الآخر عبر أفراد أو جهات خارجية متعاطفة مع التنظيم، حيث استفادت القاعدة من تحالفات تكتيكية مع بعض القوى السياسية والعسكرية لتحقيق أهدافها الميدانية، حيث أصبحت في الفترة الآخيرة تمتلك أسلحة متقدمة مثل الطائرات المسيرة والصواريخ قريبة المدى.

هذا الظهور النشط للتنظيم دفع دولاً مثل الولايات المتحدة الى إعلان الحرب ضد الإرهاب خاصة وأن التنظيم كان دائماً ما يصرح بمعاداته للغرب بل إستهدف مصالحه منها إستهداف المدمرة الأمريكية في ميناء عدن، خطف دبلوماسيين فرنسيين في شبوة وطلب فدية، محاولة إغتيال سفير الولايات المتحدة في 2005 وفيه قادت الولايات المتحدة عمليات جوية مكثفة ضد قيادات القاعدة بالتنسيق مع رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح حيث تركزت الضربات في شبوة حضرموت وأبين بالإضافة الى مأرب خلال السنوات الأخيرة، مستخدمة الطائرات المسيرة لاصطياد العناصر القيادية. كما نفذت القوات الجنوبية بعد 2015 والتحالف العربي عمليات عسكرية ضد معاقل التنظيم، لكن هذه الجهود لم تؤدي إلى القضاء التام على وجوده، حيث تمكن التنظيم من إعادة التموضع كلما تعرض لضغوط عسكرية.

يشير تحليل الوضع الآخير في مأرب إلى أن تنظيم القاعدة استفاد بشكل كبير من حالة عدم الاستقرار السياسي، والفراغ الأمني، والتحالفات المرحلية مع بعض الأطراف الفاعلة في الساحة اليمنية. وعلى الرغم من نفي حزب الإصلاح لأي ارتباط مباشر مع القاعدة، فإن تقارير دولية عدة أكدت وجود صلات بين الطرفين، لكن دون إتهام مباشر للحزب ككل.

على الرغم أن التنظيم يتعرض لضغط عسكري كبير نتيجة جهود مكافحة الإرهاب محلياً ودولياً، الا أن لجوء التنظيم الى قيادات عسكرية غير متطرفة إيديلوجياً، جعله أقل عرضه للشكوك الدولية، وهذا مكنه من القيام بعمليات تهريب للأسلحة مستخدماً أدوات الدولة وتنفيذ عمليات إرهابية في محافظات عدة خاصة عدن حيث تعرضت لهجمات مكثفة إستهدفت قيادات جنوبية ومؤسسات حكومية، أفادت فيه التقارير الأمنية أن شخصيات مثل أمجد خالد تم تمويله من قبل أطراف سياسية كما أن حادثة تهريبه الآخيره بأمر من نافذين في الدولة هي دليل آخر. هذه الأحداث وغيرها تستدعي ضرورة تكثيف عمليات مكافحة الإرهاب والتنسيق الإستخباراتي والتعاون الدولي لتحييد هذه المخاطر العابرة الحدود.

فيديو