شبكات تهريب المخدرات في الجنوب: تهديد للأمن القومي وجهود حثيثة لمكافحتها

تقارير - منذ 3 شهر

عدن - عين الجنوب | خاص

مسألة تهريب المخدرات والترويج لها هي مسألة أمن قومي لا ينبغي الإستهانة بعواقبها على المجتمعات، وكما يتضح من تقارير القوات الأمنية في الجنوب، بات تهريب المخدرات والترويج لها واحداً من أخطر التهديدات التي تستهدف الأمن القومي، حيث تشير تقارير موثقة إلى أن تنظيمات مثل الحوثيين وجماعات لها صلة بتنظيمات إرهابية، إلى جانب أطراف خارجية، تلعب دور رئيسي في دعم وتمويل هذه التجارة غير المشروعة، مستغلة الوضع وضعف الرقابة الحدودية في الشرق. فوفقاً لتقارير أمنية وإعلامية، تعمل جماعات نافذة على استخدام تجارة المخدرات لتمويل عملياتها العسكرية، وإغراق الجنوب بهذه السموم كجزء من مخطط لزعزعة الأمن والاستقرار.

كشفت تقارير دولية، من بينها تقرير نشره موقع تابع لوزارة الخارجية الأمريكية، أن الحوثيين يعتمدون بشكل كبير على تجارة المخدرات كمصدر رئيسي لتمويل أنشطتهم العسكرية، خاصة في ظل العقوبات المفروضة عليهم وتراجع الدعم الإيراني المباشر. وتُستخدم مناطق سيطرتهم كمحطات رئيسية لاستقبال شحنات المخدرات القادمة من إيران ولبنان، حيث يتم تهريبها عبر البحر الأحمر أو عبر الحدود الشرقية، ومنها إلى الجنوب والأسواق الإقليمية. الحوثيين يبيعون المخدرات في الأسواق المحلية ويديرون عمليات تهريب دولية تمتد إلى أفريقيا والشرق الأوسط، ما يساعدهم على تأمين موارد مالية ضخمة تعوضهم عن العقوبات الدولية المفروضة عليهم. وتظهر البيانات أن هذه الأنشطة تتزايد كلما اشتدت المعارك أو تعرض الحوثيون لخسائر عسكرية واقتصادية.

في محافظات الجنوب، شهدت السنوات الأخيرة جهوداً مكثفة لمكافحة المخدرات. ففي عام 2019، نفذت الأجهزة الأمنية في عدن واحدة من أكبر عمليات ضبط المخدرات، حيث تمت مصادرة ثلاثة أطنان من الحشيش كانت مخبأة داخل حاويات سكر في ميناء عدن، إلى جانب أموال مهربة. واعتبرت هذه العملية واحدة من أكبر الضربات ضد شبكات تهريب المخدرات التي تنشط في المنطقة وفقاً لتقرير نشرته صحيفة 4May.

وتواصل قوات الحزام الأمني في الجنوب حملاتها لملاحقة تجار المخدرات والمروجين لها، حيث شهدت عدن خلال الأشهر الماضية عدة عمليات ناجحة أدت إلى تفكيك خلايا تهريب واعتقال عدد من المتورطين حيث أعلنت قوات الحزام الأمني اليوم 24 فبراير مقتل أحد مروجي المخدرات أثناء محاولته الفرار. وعلى الرغم من هذه الجهود، لا تزال عمليات تهريب المخدرات تشكل تحدي كبير في ظل وجود قوى نافذة تستفيد من استمرار هذه التجارة.

فبالنسبة للإخوان بالرغم لا توجد تقارير رسمية واضحة ومحدثة تربط جماعة الإخوان المسلمين في اليمن (الممثلة بحزب الإصلاح) بشكل مباشر بتجارة المخدرات، إلا أن هناك اتهامات متكررة وإرتباطات حول استغلالهم للوضع الأمني لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. فبعض المراقبين يشيرون إلى أن المناطق التي يسيطر عليها حزب الإصلاح، مثل مأرب وأجزاء من تعز، تشهد نشاط متزايد لشبكات التهريب، دون اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحتها. وفي الوقت الذي تخوض فيه القوات الجنوبية حرب ضد المخدرات، يتهم البعض جماعة الإخوان المسلمين بالتساهل مع هذه الأنشطة، بل وحتى تسهيل عمليات التهريب في بعض المناطق لتمويل أنشطتها السياسية والعسكرية. ففي أفغانستان حيث اتخذ نمط إخواني في إقرار جواز بيع المخدرات ولكن ليس تعاطيها داخل الدولة ووفقاً للمصلحة التي تخص أنظمة الحكم الاي تتبع التنظيم، كمثال كانت الجماعات الإخوانية في سوريا تسهل عمليات الإتجار بالمخدرات كمصدر للتمويل لكن بعد صعود الجماعة وبحكم معرفتها بالوسائل والشبكات المرتبطة صنعت إنجاز في وقت قياسي.

اما عمليات التهريب في اليمن تشير عدة تقارير استخباراتية إلى أن إيران هي اللاعب الرئيسي في دعم شبكات تهريب المخدرات المرتبطة بالجماعة. وبحسب تقارير أمنية، فإن الحرس الثوري الإيراني يستخدم طرق تهريب معقدة لنقل المخدرات إلى اليمن، حيث يتم توزيعها محلياً عن أو إعادة تصديرها إلى دول أخرى لتمويل عملياتهم في المنطقة.

في ظل هذه المعطيات، لا بد من دعم دور القوات الجنوبية في حربها على الجبهتين، الأولى ضد الإرهاب، والثانية ضد المخدرات وشبكاتها التي أصبحت تهديداً لا يقل خطورة بإعتبارها مخطط مدروس لإضعاف الجنوب وتفكيك نسيجه الاجتماعي. لكن في ظل الجهود الأمنية المستمرة، ووعي الشعب الجنوبي بخطورة هذه الحرب، فإن المعركة ضد المخدرات مستمرة، وهي جزء لا يتجزأ من معركة الجنوب الكبرى ضد الإرهاب والتآمر السياسي.

فيديو