حكومة بن مبارك؛ أزمة شرعية أم أزمة فشل؟

تقارير - منذ 6 أيام

حكومة بن مبارك؛ أزمة شرعية أم أزمة فشل؟

عين الجنوب | تقرير - خاص
  
تصريحات رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك وتغريداته الأخيرة على تويتر تعكس محاولات الحكومة لفرض حضورها في الجنوب، لا سيما في المحافظات التي ما زالت تحت تأثير قوى شمالية تسعى للحفاظ على نفوذها بأي ثمن. لكن المعضلة الرئيسية التي تواجه بن مبارك ليست فقط معارضة الشعب والقوى الجنوبية له، بل فقدانه للتوافق الداخلي حتى داخل حكومته. رفض عدد من الوزراء التعامل معه، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الكارثية، كلها مؤشرات على أن حكومته باتت في حالة تآكل ذاتي، مما يضعف موقفه ويجعله ورقة قابلة للاستبدال في أي لحظة، وهذا ما أكده لطفي شطارة، حيث أن بن مبارك أصبح عبئاً على من اختاره مثله مثل البقية في حكومة المناصفة، حيث أن التعيينات لم تكن مبينة على توافق مع القيادة الجنوبيه إن لم يكن الشعب. وهذا بدوره ادى الى توازن هش بين اطراف متناقضة، ما يجعل استمراره امر صعب.
 
وفي الوقت الذي تكافح فيه حكومة بن مبارك والعليمي لإثبات وجودها، يقوم الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بجولات ميدانية في محافظات الجنوب، تعزز من حضوره السياسي والشعبي، وتؤكد أن المجلس الانتقالي هو الطرف الأكثر تأثيراً وتقبلاً في المعادلة الجنوبية. هذه التحركات تحمل رسائل واضحة للداخل والخارج، مفادها أن الجنوب يمتلك قيادة حقيقية، قادرة على اتخاذ قرارات سيادية، وأن زمن الوصاية اليمنية على الجنوب يقترب من نهايته.  

الفرق الجوهري بين تحركات الرئيس الزبيدي ومحاولات الحكومة ومجلس القيادة فرض أنفسهم في الجنوب، هو أن الأول يتحرك استناداً إلى قاعدة شعبية فعلية، بينما تعتمد الحكومة على أدوات السلطة التقليدية التي باتت تفقد فعاليتها أمام الواقع الجديد. لهذا، نرى أن الحملات الإعلامية ضد الرئيس الزبيدي والمجلس الانتقالي تتزايد، لأن القوى اليمنية تدرك أن الرئيس الزبيدي يمثل تهديداً لأطماعها في الجنوب.

إقليمياً، تشهد المنطقة تغيرات جيوسياسية قد تؤثر على مستقبل المنطقة والجنوب بشكل خاص. مثلاً رغم أن السعودية لا تزال تدعم مجلس القيادة الرئاسي، إلا أن مسار المحادثات مع الحوثيين يشير إلى أن الرياض تسعى للخروج من الحرب، حتى لو كان ذلك على حساب حلفائها داخل الحكومة اليمنية بما فيه الجنوب.

كما أن الإمارات تواصل دعم المجلس الانتقالي، فهي تدرك أن الجنوب بحاجة إلى تثبيت مؤسساته داخلياً، قبل الحديث عن أي ترتيبات نهائية. هذا الدعم يمنح الجنوب موقف جيد للمناورة، وفي نفس الوقت هناك ضرورة للحفاظ على التوازن بين المصالح الإقليمية والمصالح والمطالب الشعبية الجنوبية. بالإضافة الى أن الموقف الغربي الذي كانت تصريحاته تدور حول وحدة اليمن يميل حالياً إلى دعم أي ترتيبات تحقق الاستقرار، وهو ما يجعل مستقبل الجنوب مرتبطاً بمدى قدرته على تقديم نفسه كطرف مستقل ومستقر وقابل للحياة سياسياً واقتصادياً وهو ما يحدث.

لذلك يبدوا ان المسار الذي يقوده الرئيس الزبيدي هو الخيار المناسب نحو تعزيز الحضور الجنوبي، سواء عبر إجراءات سياسية او خطوات إدارية تزيد من استقلالية مؤسسات الجنوب عن حكومة ومجلس قيادة لم يعد لهما قبول.  

فكما هو ملاحظ المشهد السياسي في المنطقة يمر بمرحلة تحول عميقة، حيث تضعف الحكومة يوماً بعد يوم شعبياً وإدارياً وسياسياً وخدمياً، بينما يزداد حضور المجلس الانتقالي في الجنوب. الحملة الإعلامية ضد الرئيس الزبيدي تعكس خوف القوى اليمنية من فقدان مصالحها، لكنها مؤشر على أن الجنوب يسير بثبات نحو استعادة قراره المستقل. فكما هو واضح حتى الآن أن المعادلة القديمة لم تعد قابلة للاستمرار إطلاقاً، والواقع يفرض نفسه.

فيديو